مسند أبي هريرة رضي الله عنه 692

مسند احمد

مسند أبي هريرة رضي الله عنه 692

 حدثنا ابن نمير، حدثنا عبيد الله، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيحان، وجيحان، والنيل، والفرات، كل من أنهار الجنة»

في هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ «سَيْحانَ وجَيْحانَ، والفُراتَ والنِّيلَ» كُلُّ هذه الأنهارِ مِن أَنْهارِ الجَنَّةِ، أي: إنَّ أصْلهَا مادَّةٌ تُغَذِّيها منَ الجنَّةِ، أو لِأنَّ بِلادَها منَ المُسلِمينَ يَتغَذَّوْن عَليها وَيكونُ مَآلُهم إِلى الجنَّةِ، وهَذه الأَنْهارُ بِبِلادِ العَرَبِ والمِسلِمينَ؛ فسَيحانُ وجَيحانُ بِبلادِ الأَرْمَنِ بالقُربِ مِنَ الشَّامِ، وسَيْحانُ يقَعُ بمَدينةِ أَذَنةَ أو أضَنةَ التُّركيَّةِ، وجَيْحانُ يقَعُ في غَربِ قارةِ آسْيا، وفي جَنوبِ تُرْكيا، يَنبُعُ مِن الأقسامِ الشَّماليَّةِ لِجبالِ طُوروسَ، مِن نَبعينِ أساسيَّينِ، أحدُهما في الشَّرقِ، وثانيهما في الغربِ، وقيل إنَّ سيحان وجيحان هما سَيْحُون وجَيْحُون
ونَهرُ الفُراتِ: يَنبُعُ مِن تُرْكيا، ويَسيرُ في أراضِيها، ويُتابِعُ طَريقَه في الأراضي السُّوريَّةِ، ومِن ثَمَّ في الأراضي العِراقيَّةِ، ويَنتَهي به المَطافُ إلى الخَليجِ العَربيِّ بعْدَ أنْ يتَّحِدَ معَ نَهرِ دِجْلةَ، ويَبلُغُ طولُه: 2.781 كم
والنِّيلُ: يَنبُعُ ويَسيلُ مِن رافِدَيْنِ: النِّيلِ الأبيَضِ، وهو أقْصى رَوافِدِه، يَأْتي مِن جَنوبِ القارَّةِ الإفْريقيَّةِ عندَ هَضْبةِ البُحَيراتِ (بُحَيرةِ فِكْتورْيا)، والنِّيلِ الأزرَقِ، وَيَنبُعُ مِن هَضْبةِ الحَبَشةِ (بُحَيرةِ تانا بأَثْيوبْيا)، يَأْتيانِ مِن الجَنوبِ مُرورًا على طولِ البِلادِ إلى أنْ يَجتَمِعا بأرضِ السُّودانِ، ثمَّ أرضِ مِصرَ، فيَفِيضَا في البَحرِ الأبيَضِ المُتوسِّطِ، ويَبلُغُ طولُه: 6.853 كم
وقدْ ورَدَ في الصَّحيحينِ أنَّ النِّيلَ والفُراتَ يَنبُعانِ مِن أصلِ سِدرةِ المُنْتهى، فيَحتمِلُ أنْ تكونَ سِدرةُ المُنتهى مَغروسةً في الجنَّةِ، والأنهارُ تَخرُجُ مِن تحْتِها، فيَصِحُّ أنَّها مِن الجنَّةِ
وقيل: إنَّ ذلك تَعبيرٌ عن مُستقبَلِ ما سيَكونُ، وإنَّ هذه الأنهارَ وغيْرَها مِن أنهارِ الدُّنيا الَّتي ستَكونُ في الجنَّةِ مع التَّغايُرِ في الصِّفاتِ مِثلَ بعضِ نَعيمِ الجنَّةِ
وفي الحديثِ: فَضيلَةُ هَذه الأَنْهَارِ، وأَنَّها مِن أَعْظَم نِعَمِ اللهِ عَلى عِبادِه وعَلى أَهْلِ تِلكَ البِلادِ