‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1544

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1544

حدثنا عفان، حدثنا حماد، قال: أخبرنا ثابت عن أنس بن مالك، أن العضباء كانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له، فسابقها فسبقها الأعرابي، (1) فكأن ذلك اشتد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من هذه الدنيا إلا وضعه " 

مِن سُنَّةِ اللهِ في خَلْقِه أنْ بعْدَ الصُّعودِ يَكونُ الهُبوطُ، فلا يَدومُ الحالُ في الدُّنيا لأحَدٍ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه كانَ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ناقةٌ اسمُها العَضْباءُ، مِنَ العَضْبِ، وهو شَقُّ الأُذُنِ، وهو لَقَبٌ لتلك الناقةِ، لا أنَّها كانَتْ مَشقوقةَ الأُذُنِ، وكانَتْ سَريعةَ العَدْوِ؛ فلا يَستَطيعُ أحَدٌ أنْ يَسبِقَها، فجاءَ أعرابيٌّ على قَعودٍ له -وهو ما بَلَغَ مِنَ الإبِلِ مِنَ السِّنِّ ما يُمكِّنُ أنْ يُجلَسَ عليه، وأقَلُّ ذلك أنْ يَكونَ ابنَ سَنتَيْنِ إلى أنْ يَدخُلَ السادِسةَ؛ فيُسَمَّى جَمَلًا، ولا يُقالُ إلَّا لِلذَّكَرِ- فسَبَقَ ناقةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَضْباءَ، فشَقَّ ذلك على المُسلِمينَ، حتَّى عُرِفَ وظَهَرَ على وُجوهِهم كَونُ هذا الأمْرِ ثَقيلًا وشاقًّا عليهم؛ أنْ تُسبَقَ ناقةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال لهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: حَقٌّ على اللهِ ألَّا يَرتَفِعَ شَيءٌ مِنَ الدُّنيا إلَّا وَضَعَه بعْدَ ارتِفاعِه، فبَيَّنَ لهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ هذه سُنَّةُ اللهِ في خَلْقِه: مهما ارتَفَعَ شَيءٌ في الدُّنيا وَضَعَه اللهُ تَعالى.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ السَّبْقِ في الإبِلِ.
وفيه: التَّنبيهُ على تَرْكِ المُباهاةِ والفَخرِ بمَتاعِ الدُّنيا.