مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1644
مسند احمد
حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، حدثنا عمرو بن عبد الله بن وهب، حدثنا زيد العمي، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال ثلاث مرات: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، فتحت له من الجنة ثمانية أبواب، من أيها شاء دخل "
رَحمةُ اللهِ واسعةٌ، ومُكافأةُ اللهِ عزَّ وجلَّ لِعبادِه تَأتي مِن أقلِّ القليلِ، والوضوءُ عِبادةٌ وطَهارةٌ، وهو شرْطٌ لأفضلِ الأعمالِ وهي الصَّلاةُ، وقد جَعل اللهُ فيه فضلًا عظيمًا.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَنْ توضَّأَ فأحسَنَ الوُضوءَ"، أي: أتمَّه على هَدْيِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ وأتَى به على الوَجهِ الأكملِ فيه، وأعْطَى كلَّ عُضوٍ حقَّه مِن الماءِ، وهو الإسباغُ مع مُراعاةِ الآدابِ بِلا إسرافٍ، "ثمَّ قال"، أي: بعدَ الانتهاءِ والفَراغِ من وُضوئِه: "أشهدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ"، أي: لا مَعبودَ بحقٍّ إلَّا اللهُ، "وأشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه"، وقد وُصِفَ بالعُبوديَّةِ الَّتي هي غايةُ التَّذلُّلِ والخضوعِ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أتْقى الخَلقِ على الإطلاقِ، ولم يَبلغْ أحدٌ مَبلغَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن التَّذلُّلِ والخُضوعِ لِمولاه، والإضافَةُ فيه للتَّشريفِ، وهي إشارةٌ إلى كَمالِ مَرتبتِه في مَقامِ العُبوديَّةِ بالقيامِ في أداءِ حقِّ الرُّبوبيَّةِ، "فُتِحَت له ثمانيةُ أبوابِ الجنَّةِ يَدخُلُ من أيِّها شاء"، أي: إلَّا كان الجزاءُ له في الآخرَةِ أن تُفتَحَ له أبوابُ الجنَّةِ يَختارُ أيَّ الأبوابِ يَدخُلُ منها؛ وهذا لِمزيدِ التَّأكيدِ في حُصولِ ثوابِ الجنَّةِ له.
وفي الحديث: الحثُّ على إحسانِ الوُضوءِ.
وفيه: الفضلُ العَظيمُ للدُّعاءِ بالشَّهادتَيْن عَقْبَ الانتهاءِ منَ الوضوءِ.
وفيه: إثباتٌ للجنَّةِ أنَّ لها أبوابًا، وأنَّ بعضَ النَّاسِ تُفتَحُ له كلُّها تَكريمًا.