جُعِلتْ قُرَّةُ عَينِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّلاةِ، وقد كان يُؤدِّيها تامَّةَ الأركانِ والهَيئاتِ، مع التَّخفيفِ على الناسِ ومُراعاةِ أحوالِهم. وفي هذا الحَديثِ يَصِفُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه صَلاةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حالَ إمامَتِه، فيُخبِرُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصَلِّي صَلاةً مُوجَزةً خَفيفةً غَيرَ طَويلةٍ، وفي الوَقتِ نَفْسِه يَأتي بكَمالِها؛ مِن تَمامِ الرُّكوعِ والسُّجودِ، والقيامِ والقِراءةِ، فكان إيجازُه وتَقصيرُه لِلصَّلاةِ لا يَترَتَّبُ عليه إخلالٌ بأحَدِ أركانِها، وهو المَقصودُ في الرِّوايةِ الأُخرى: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان أخَفَّ النَّاسِ صَلاةً في تَمامٍ. وهذا هو الواجِبُ على الإمامِ: أنْ يُخَفِّفَ الصَّلاةَ؛ لِأنَّه يَجِبُ عليه أنْ يُراعيَ حالَ جَميعِ المأْمومينَ، وقد قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلإمامِ عُثمانَ بنِ أبي العاصِ في الحَديثِ الذي رَواه أبو داودَ في سُنَنِه: «واقْتَدِ بأضعَفِهم»، أي: اجعَلْ صَلاتَكَ مُوافِقةً لِأضعَفِ المأْمومينَ؛ لِأنَّه رُبَّما يَكونُ في المُصلِّينَ مَن يَتحَمَّلُ التَّطويلَ في الصَّلاةِ، ومَن لا يَتحَمَّلُه، فكان الواجِبُ على الإمامِ مُراعاةَ الجَميعِ بالإيجازِ مع كَمالِ الصَّلاةِ، أمَّا إذا صَلَّى الإنسانُ وَحدَه فلَه أنْ يُطيلَ ما شاءَ؛ لِأنَّه أعلَمُ بنَفْسِه وبما تُطِيقُه.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ على الرِّفقِ بالمأْمومينَ في الصَّلاةِ، والتَّخفيفِ عليهم، مع عَدَمِ الإخلالِ بالصَّلاةِ.