مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه573
مسند احمد
حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا جسر، (3) عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " طوبى لمن آمن بي ورآني " مرة، " وطوبى لمن آمن بي ولم يرني " سبع مرار
صُحبةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شَرَفٌ عَظيمٌ في الدُّنيا والآخِرةِ، فمَرتَبةُ الصُّحبةِ لا يَعدِلُها مَرتَبةٌ؛ لأنَّ بها أثنى اللَّهُ تعالى على أصحابِها في القُرآنِ الكَريمِ في آياتٍ مُتَعَدِّدةٍ، وبَيَّنَ مَنزِلَتَهم ومَكانتَهمُ العَظيمةَ، ومِن أعظَمِها أنَّه سُبحانَه رَضيَ عنهم، فقال تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: 100]، ومِن مَناقِبهمُ العَظيمةِ أن جَعَلَ الثَّوابَ الجَزيلَ لمَن رَآهم أو رَأى مَن رَآهم، فيَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: طُوبى -وهيَ اسمُ الجَنَّةِ.
ئوقيلَ: هيَ شَجَرةٌ فيها- لمَن رَآني. وهمُ الصَّحابةُ، ولا شَكَّ أنَّ رُؤيةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُحَصِّلةٌ مِنَ الفوائِدِ وجَميلِ العَوائِدِ الكَثيرَ الطَّيِّبَ الذي يَستَحِقُّ صاحِبُها الشَّرَفَ الكَبيرَ والفَضلَ العَميمَ، وهم خَيرُ القُرونِ، وطوبى لمَن رَأى مَن رَآني.
وهمُ التَّابِعونَ، ولا بُدَّ مَعَه مِنَ الإيمانِ، ولمَن رَأى مَن رَأى مَن رَآني وآمَنَ بي، وهم تابِعو التَّابعينَ، وهؤلاء هم خَيرُ القُرونِ الذينَ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيهم: خَيرُ القُرونِ قَرني، ثُمَّ الذينَ يَلونَهم، ثُمَّ الذينَ يَلونَهم.
وفي الحَديثِ فضيلةُ الصَّحابةِ على مَن بَعدَهم.
وفيه فضيلةُ التَّابعينَ وتابِعيهم.
وفيه أنَّ هذه الفضيلةَ لا بُدَّ فيها مِنَ الإيمانِ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.