مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه636
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن ثابت البناني، أنه سمع أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الأنصار عيبتي التي أويت إليها، فاقبلوا من محسنهم، واعفوا عن مسيئهم، فإنهم قد أدوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم "
وفي هذا الحَديثِ "ان رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ على المِنبرِ للأنصارِ: ألَا إنَّ النَّاسَ دِثارِي"، والدِّثارُ: هوَ الثَّوبُ الَّذي يكونُ فوقَ الثِّيابِ الَّتي تَلِي الجِلْدَ، "والأنصارَ شِعاري"، والشِّعارُ: هو الثَّوبُ الَّذي يَلِي الجِلْدَ، أرادَ أنَّهمْ أقرَبُ النَّاسِ إليه، "لو سلَكَ النَّاسُ واديًا وسلَكَتِ الأنصارُ شِعْبةً لَاتَّبَعْتُ شِعْبَ الأنصارِ"، والشِّعبُ: هو الطَّريقُ في الجبَلِ، والمعنى: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سيَأخُذُ طريقَ الأنصارِ ويَترُكُ طريقَ سائرِ النَّاسِ؛ وذلكَ لفَضْلِ الأنصارِ، "فمَن وَلِيَ أمْرَ الأنصارِ"، أي: بالإمارةِ وما يُشبِهُها، "فلْيُحسِنْ إلى مُحسِنِهم"، أي: يَبذُلُ فيهم الخيرَ والإكرامَ، "ولْيتجاوَزْ"، أي: يَعْفو، "عن مُسيئِهم، فمَن أفزَعَهم فقد أفزَعَ هذا الَّذي بيْن هذينِ- وأشار إلى نفْسِه-"، أي: مَن أصاب الأنصارَ بالخوفِ أو الضَّررِ فقد أوقَعَ نفْسَ الأمْرِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهذا مِن تَعظيمِ أمْرِهم وشأْنِهم، والتَّحذيرِ مِن إيقاعِ الأذَى بهم.
وفي هذا الحديثِ: بَيانُ مَنزِلةِ الأَنصارِ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
وفيه: الحِرصُ على الاستجابةِ لوَصِيَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الأنصارِ.