مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 285
مسند احمد
حدثنا يحيى، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العمرى ميراث لأهلها» ، أو «جائزة لأهلها» ،
للمالِ أحكامٌ كثيرةٌ وتَنظيماتٌ مُتعدِّدةٌ في الشَّرعِ؛ وذلك لأنَّ اللهَ تَعالَى جعَلَه قِوامًا لحياةِ النَّاسِ، والتَّعامُلُ فيه دونَ تَنظيمٍ أو باعتداءٍ أو نَهْبٍ يؤدِّي لا مَحالةَ إلى التَّنازُعِ والتَّقاتُلِ، ومِن هذه التَّنظيماتِ: أنَّ الشَّرعَ يُبِيحُ للإنسانِ أن يُعطِيَ مِن مالِه بعضَه لِمَن شاء على صُوَرٍ كثيرةٍ، ولكنْ بِضَوَابِطَ تَحكُمُ ذلك؛ حتَّى لا يَحدُثَ التَّنازُعُ أو التَّراجُعُ عمَّا اتُّفِق عليه، وحتَّى يَحفَظَ الإنسانُ مالَه ولا يُضَيِّعَه
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابِرُ بنُ عبدِ الله رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضَى فيمَن أَعْمَرَ عُمرَى له ولِعَقِبِه، العُمْرَى: نوعٌ مِن الهِباتِ والعَطايا، وقدْ أجازَ رسولُ اللهِ أنْ يُعطِيَها المُعطِي للآخِذِ ويكونَ له حرِّيةُ التصرُّفِ فيها، وتُصبِحَ جُزءًا مِن مالِه، ويَرِثَه أبناءُ الآخِذِ مِن بعْدِه، «فهِيَ له بَتْلَةً»، أي: أصبحَتِ العَطِيَّةُ للآخِذِ مَقْطُوعَةَ الصِّلَةِ عن المُعطِي، «لا يَجوزُ للمُعطِي فيها شرطٌ ولا ثُنْيَا» أي: ليس للمُعطِي أنْ يَشتَرِطَ فيها وقتًا محدَّدًا للانتِفاعِ، ولا أنْ يَستَثنِيَ مِن منافِعِها شيئًا؛ وذلك لأنَّها أصبحَت مِلكًا تامًّا للآخِذِ، ويَرِثُها أبناؤُه مِن بعدِه
وفي الحديثِ: العَطِيَّةُ مِن المالِ للغَيْرِ على جهةِ التَّمليكِ والتَّصرُّفِ الكاملِ للآخِذِ