مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 698
حدثنا حسين بن محمد، حدثنا يزيد يعني ابن عطاء، عن يزيد يعني ابن أبي زياد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: " جاء النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد اشتكى، فطاف بالبيت على بعير، ومعه محجن، كلما مر عليه استلمه به، فلما فرغ من طوافه، أناخ فصلى ركعتين " (4)
الحَجُّ عِبادةٌ تَوقيفيَّةٌ علَّمَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأصْحابِهِ بالفِعلِ وبالقَولِ، وقد نَقَلوا لنا صِفةَ هذه العبادةِ كما رَأَوْها وأدَّوْها معه
وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ العبَّاسِ رضِيَ اللهُ عنهما بعضَ ما كان في حَجَّةِ الوداعِ، فيقولُ: "جاءَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" إلى البَيتِ الحَرامِ من مِنًى يَومَ العاشِرِ من ذي الحِجَّةِ؛ لِيُؤدِّيَ طَوافَ الرُّكنِ، "وكان قد اشتَكَى" من مَرَضٍ كان به "فطافَ بالبَيتِ على بَعيرٍ" راكِبًا للجَمَلِ أثْناءَ الطَّوافِ، "معه مِحْجَنٌ، كُلَّما مرَّ عليه استَلَمَهُ به، "يَستلِمُ الحَجَرَ الأسوَدَ بمِحجَنٍ، وهيَ العَصا المُعوجَّةُ الطَّرَفِ، فيُشيرُ بها إلى الحَجَرِ، ثُمَّ يُقبِّلُ المِحجَنَ من الجُزْءِ الَّذي لَمَسَ الحَجَرَ الأسوَدَ كما في روايةِ مُسلِمٍ من حَديثِ أبي الطُّفَيلِ رضِيَ اللهُ عنه، وفعَلَ ذلِكَ لِمَرَضِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو كَراهِيةَ أنْ يُضرِبَ عَنه النَّاسُ، يَعني أنَّه لَو طافَ ماشيًا لانصَرَفَ النَّاسُ عنِ الحَجَرِ كُلَّما مرَّ إليه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَوقيرًا لَه أنْ يُزاحَمَ، أو فعَلَ ذلِكَ؛ ليَسمَعَ النَّاسُ كلامَهُ، وليَرَوْا مَكانَهُ، ولا تَنالُهُ أيديهِم لرُؤيَتِهِ، وللاقتِداءِ به "فلمَّا فرَغَ من طَوافِهِ" حَولَ البَيتِ "أناخَ، فصلَّى رَكعَتَينِ"، أي: نزَلَ من فَوقِ الجَمَلِ، وصلَّى رَكعَتَينِ
وفي الحَديثِ: الطَّوافُ حَولَ الكَعْبةِ رُكوبًا
وفيه: استِلامُ الحَجَرِ الأسوَدِ، والإشارةُ إليه بِعَصًا، وتَقْبيلُها
وفيه: بَيانُ يُسرِ الشَّرعِ في العِباداتِ مع الضَّرورةِ