‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما201

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما201

حدثنا أبو النضر، حدثنا محمد يعني ابن راشد، عن سليمان بن موسى، أن عبد الله بن عمرو كتب إلى عامل له على أرض له: أن لا تمنع فضل مائك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من منع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ منعه الله فضله يوم القيامة

 لقدْ حرَصَ الإسلامُ على تَعميمِ المَنفعةِ في غَيرِ ضَررٍ.

 وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَمْنعوا فضْلَ الماءِ، ولا تَمْنعوا الكلَأَ"، أي: لا تَمنَعوا ما زاد مِن ماءِ السُّقيا على مَن ليس معه ماءٌ، وكذلك لا تَمنَعوا الكلَأُ، وهو: نَباتُ الأرضِ؛ رَطبًا كان أمْ يابِسًا، وفي رِوايةِ الصَّحيحينِ: "لا يُمنَعُ فضْلُ الماءِ لِيُمنَعَ به الكلأُ"، وصُورتُه: أنْ يَحفِرَ إنسانٌ بِئرًا، ويكونَ حوْلَ البئرِ عُشبٌ، وليس هناك ماءٌ غيرُه، ولا يتُوصَّلُ إلى رَعْيِ العُشبِ إلَّا إذا كانتِ المواشي تَرِدُ ذلك الماءَ، فيَمنَعهم مِن الماءِ؛ قَصْدًا إلى مَنْعِهم مِن رعْيِ العُشبِ، وليس ذلك له؛ لأنَّ فيه إضرارًا بالمُسلمِينَ، والضَّررُ تجِبُ إزالتُه، "فيَهزُلَ المالُ، ويجُوعَ العِيالُ"، أي: إنَّ هذا سببٌ في ضَعْفِ الماشيةِ؛ إذ ليس كلُّ أحدٍ يَقدِرُ على العلَفِ، فإذا مُنِعَ رعْيَ ماشيتِه في الكلَأِ، هزُلَتْ، فيَنشَأُ عن ذلك قِلَّةُ اللَّبنِ أو فَقْدُه، وقِلَّةُ اللَّحمِ، فتَجوعُ العِيالُ الَّذين يَقْتاتونَ باللَّبنِ، وما ينشَأُ عنه مِن الجُبنِ والسَّمنِ والقِشدةِ، ولا يَكونُ في الحَيوانِ لَحمٌ يُنتفَعُ به إذا ذُبِحَ بسبَبِ هُزالِه.

وفي الحَديثِ: الحَثُّ على التكافُلِ بينَ الناسِ، وأنْ يَتفضَّلَ المُوسِرونَ بما زادَ عن حوائجِهِم ولا يَضُرُّ بِهِم.