مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما 178

مسند احمد

مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما 178

 حدثنا إسماعيل، عن يونس، عن الحسن، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يسترعي الله تبارك وتعالى عبدا رعية، قلت أو كثرت، إلا سأله الله تبارك وتعالى عنها يوم القيامة، أقام فيهم أمر الله تبارك وتعالى أم أضاعه؟ حتى يسأله [ص:261] عن أهل بيته خاصة»

مِمَّا يَلزَمُ مَنْ يَلي أمْرَ المُسلِمينَ هو القيامُ بما يَتعَيَّنُ عليه مِن حِفظِ شَرائِعِهم والذَّبِّ عنها لِكُلِّ مُتصَدٍّ لِإدخالِ داخِلةٍ فيها، أو تَحريفٍ لِمَعانيها، أو إهمالِ حُدودِهم، أو تَضييعِ حُقوقِهم، أو تَركِ حِمايةِ حَوزَتِهم ومُجاهَدةِ عَدُوِّهم، أو تَركِ سِيرةِ العَدلِ فيهم

وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا يَستَرْعي اللهُ تَبارَكَ وتَعالى عَبدًا رَعيَّةً"، لا يُمَكِّنُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ لِأحَدٍ أنْ يَتوَلَّى أمْرًا مِن أُمورِ العِبادِ، والمَعْنى يَشمَلُ كُلَّ مَسؤُولٍ على مَنصِبِه، وإنْ نَزَلَ، وسَواءٌ كانَ على جِهةٍ تابِعةٍ لِأُمورِ الوِلايةِ والدَّولةِ، كالسُّلطانِ ومَن تَحتَه، أو كانَ على جِهةٍ اجتِماعيَّةٍ، كرَبِّ الأُسرةِ ونَحْوِه، "قَلَّتْ أو كَثُرتْ" قَلَّ عَدَدُ الرَّعيَّةِ التي تَحتَه أو كَثُرَ، فيَشمَلُ الأميرَ ولو على ثَلاثةِ نَفَرٍ، ويَشمَلُ المَرأةَ في بَيتِها، "إلَّا سَألَهُ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى عنها يَومَ القيامةِ"، كانَتْ تلك المُسؤُوليَّةُ التي وَليَها على غَيرِه مِمَّا يُحاسَبُ عليه في الآخِرةِ، فإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ جَعَلَ الرَّاعيَ واسِطةً بَينَه وبَينَهم في تَدبيرِ أُمورِهم في دِينِهم ودُنْياهم، ويَكونُ مَنطوقُ السُّؤالِ: "أقامَ فيهم أمْرَ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى أم أضاعَه؟" عَمِلَ في رَعيَّتِه بما يُرضي اللهَ عَزَّ وجَلَّ، كإيصالِ الحُقوقِ والإنصافِ والعَدلِ؟ ويُقابِلُ ذلك الباطِلُ والظُّلمُ والجَورُ، "حتى يَسألَه عن أهلِ بَيتِه خاصَّةً" بَيانٌ وتأكيدٌ أنَّه مهما قَلَّ حَجمُ المَسؤوليَّةِ التي يَرعاها صاحِبُها، فإنَّه مَسؤولٌ ومُحاسَبٌ عليها عِندَ اللهِ يَومَ القيامةِ، ومنها مَسؤوليَّتُه عن أهلِ بَيتِه مِنَ الزَّوجةِ والأبناءِ، وقد وَرَدَ في الصَّحيحَيْنِ: "ما مِن والٍ يلي رَعيَّةً مِنَ المُسلِمينَ، فيَموتُ وهو غاشٌّ لهم، إلَّا حَرَّمَ اللهُ عليه الجَنَّةَ" فمِنَ الجَزاءِ الواقِعِ عليه إنْ خانَ أمانةَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ أنْ يُمنَعَ مِن دُخولِ الجَنَّةِ

وفي الحَديثِ: تَنبيهٌ وتَحذيرٌ لِكُلِّ مَن يلي أمْرًا مِن أُمورِ المُسلِمينَ أنْ يَقومَ عليه بما يُرضي اللهَ عَزَّ وجَلَّ