مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما 73
مسند احمد
حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا استأذنت أحدكم امرأته أن تأتي المسجد، فلا يمنعها» قال: وكانت امرأة عمر بن الخطاب تصلي في المسجد، فقال لها: إنك لتعلمين ما أحب فقالت: والله لا أنتهي حتى تنهاني قال: فطعن عمر وإنها لفي المسجد
قَوْلُهُ: "فَلَا يَمْنَعُهَا": الْحَدِيثُ مُقَيَّدٌ بِمَا عُلِمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ مِنْ عَدَمِ اسْتِعْمَالِ طِيبٍ وَزِينَةٍ، فَيَنْبَغِي أَلَّا يَأْذَنَ لَهَا إِلَّا إِذَا خَرَجَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ، وَيَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَلَّا تَخْرُجَ بِذَلِكَ الْوَجْهِ لِلصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا عَلَى قِلَّةٍ; لِمَا عُلِمَ أَنَّ صَلَاتَهَا فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ، نَعَمْ إِذَا أَرَادَتِ الْخُرُوجَ بِذَلِكَ الْوَجْهِ، فَيَنْبَغِي أَلَّا يَمْنَعَهَا الزَّوْجُ، هَذَا لِغَيْرِ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْعِيدِ، فَيَنْبَغِي لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ، وَلِلزَّوْجِ الْحَثُّ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.وَقَوْلُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ بِالْمَنْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى النَّظَرِ فِي حَالِ الزَّمَانِ، لَكِنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّقْيِيدِ الْمَعْلُومِ مِنَ الْأَحَادِيثِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
"لَتَعْلَمِينَ مَا أُحِبُّ": "مَا" يَحْتَمِلُ أَنَّهَا نَافِيَةٌ; أَيْ: إِنَّكَ لَتَعْلَمِينَ أَنِّي مَا أُحِبُ خُرُوجَكِ إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ مَوْصُولَةٌ; أَيْ: تَعْلَمِينَ الَّذِي أُحِبُّ مِنْ عَدَمِ خُرُوجِكِ إِلَى الْمَسْجِدِ.* "حَتَّى تَنْهَانِي": أَيْ: عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ صَرِيحًا; أَيْ: فَمَا نَهَاهَا حَتَّى مَاتَ; لِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْمَنْعِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ