مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 431

مسند احمد

مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 431

 حدثنا وكيع، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن أبي موسى الهلالي، عن أبيه، أن رجلا كان في سفر، فولدت امرأته، فاحتبس لبنها، فجعل يمصه ويمجه، فدخل حلقه، فأتى أبا موسى، فقال: حرمت عليك، قال: فأتى ابن مسعود، فسأله؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «[ص:186] لا يحرم من الرضاع، إلا ما أنبت اللحم، وأنشز العظم»

كان جِيلُ التَّابِعينَ يُقَدِّرونَ الصَّحابةَ تَقديرًا عظيمًا، ويُجِلُّونَهم إجلالًا كبيرًا، حيث كانوا يَتعلَّمون منهم أُمورَ دِينِهم، ويأخُذون منهم سُنَّةَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم

وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو مُوسَى الهِلَالِيُّ من كِبارِ التَّابعينَ، أنَّ الصَّحابيَّ الجَليلَ عبدَ الله بن مَسْعُودٍ قال: "لا رَضَاعَ"، أي: لا يُسَمَّى رَضَاعًا ويَأخُذ حُكْمَ الرَّضاعَةِ، إلَّا ما "شَدَّ العَظْمَ"، أي: كَوَّنَ صَلابَتَه وأَنْشَأَه وقَوَّاه، "وأَنْبَتَ اللَّحْمَ"، أي: وتَكَوَّنَ منه اللَّحْمُ، والمقصود: أنَّه لا يَأخُذ حُكْمَ الرَّضاعِ إلَّا رَضاعَةُ الصِّغَرِ التي نَشَأَ منها اللَّحْمُ وتَكَوَّنَ منها العَظْمُ، حيث كان لَبَنُ الرَّضاعَةِ هو الغِذاءَ الوَحيدَ. فقال أبو مُوسَى هو أبو مُوسَى الهِلَالِيُّ: "لا تَسأَلُونا"، أي: لا تُوَجِّهوا إلينا الأسئِلةَ، وتَطلُبوا مِنَّا الفَتْوَى، وهذا "الحَبْرُ"، أي: العَالِمْ، "فيكم"، أي: بينكم، والمقصودُ: لا تسألونا وعبدُ الله بن مَسْعُودٍ مَوجودٌ بيننا، ولكن اسألوه هو؛ فهو أَعْلَمُ وأَفْقَهُ

وفي الحديثِ: أنَّه لا يَأخُذ حُكْمَ الرَّضاعِ إلَّا الرَّضاعَةُ في الصِّغَرِ

وفيه: فَضْلُ عبدِ الله بن مَسْعُودٍ وسَعَةُ عِلْمِه