وضع الجوائح 3
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد قال: حدثنا سفيان، عن حميد وهو الأعرج عن سليمان بن عتيق، عن جابر، «أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع الجوائح»
حرَصَ الإسْلامُ على حِفظِ الحقوقِ ورِعايتِها، وتَجلَّى هذا الحرصُ في تَحذيرِ الإسْلامِ مِن أخْذِ حُقوقِ النَّاسِ بالباطلِ، والوعيدِ الشَّديدِ لِمَن يَتَخطَّى تلك الحُرمةَ أو يَهتِكُها
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لوِ اشْتَرى أحدُ النَّاسِ ثَمرًا مِن أخيهِ المسلِمِ، وصورتُه: أنْ يَشتريَ الثَّمرَ وهو على الشَّجرِ، أو أنَّه لم يَزَلْ في قَبضةِ البائعِ ولم يَستَلِمْه المُشْتَري، ثمَّ أصابَتِ الثَّمرَ جائحةٌ، وهي مُصيبةٌ أو آفةٌ تَجتاحُ الثَّمرَ وتُهلِكُه وتُفسِدُه، فلا يَحِلُّ للبائعِ صاحبِ الثَّمرِ أنْ يَأخُذَ شيئًا مِنَ المُشتَري، فبأيِّ حقٍّ يَأخُذُ مالَ أخيهِ، وقدْ فسَدَ الثَّمرُ وأصابَتْه آفةٌ وجائحةٌ تمنَعُ مِنَ الِانتِفاعِ به؟! فإنَّه لا يَنبَغي أنْ يأخُذَ أحدٌ مالَ أخيهِ باطلًا؛ لأنَّه إذا تلِفَتِ الثَّمرةُ لا يَبْقى للمُشتَري في مُقابَلةِ ما دفَعَه شيءٌ، ولهذا نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما في الصَّحيحَينِ- عن بَيعِ الثَّمرِ قبلَ أنْ يَبدوَ صَلاحُه ويَنضَجَ، وهذا من إجْراءِ الحُكمِ على الغالِبِ
وفي رِوايةِ الصَّحيحَينِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئلَ: «ما صَلاحُه؟ قال: حتَّى تَذهَبَ عاهَتُه»؛ بأنْ يَصيرَ على الصِّفةِ المَطلوبةِ، كظُهورِ النُّضجِ؛ فإنَّه حِينَئذٍ يَأمَنَ مِنَ العاهةِ الَّتي هي الآفةُ