ومن حديث جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم 41
مستند احمد
حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال عبد الله: وسمعته أنا من ابن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فلقيت بها رجلين: ذا كلاع وذا عمرو قال: وأخبرتهما شيئا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ". قال: ثم أقبلنا، فإذا قد رفع لنا ركب من قبل المدينة، قال: فسألناهم ما الخبر؟ قال: فقالوا: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر رضي الله عنه، والناس صالحون. قال: فقال لي: أخبر صاحبك. قال: فرجعا، ثم لقيت ذا عمرو فقال لي: يا جرير، إنكم لن تزالوا بخير ما إذا هلك أمير ثم تأمرتم في آخر، فإذا كانت بالسيف غضبتم غضب الملوك، ورضيتم رضا الملوك "
مِن العَدْلِ في القَضاءِ بينَ النَّاسِ: أنْ يَسْمَعَ القاضي مِن الخَصْمَينِ مُتجَرِّدًا مِن الأهواءِ ومِن كلِّ ما يُؤدِّي إلى التَّأثيرِ في الحُكمِ بما لا يُرْضي اللهَ عزَّ وجلَّ
وفي هذا الحديثِ يقولُ عليُّ بنُ أبي طالٍبٍ رَضِي اللهُ عَنه: "بعَثني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى اليمَنِ قاضيًا", أي: حاكِمًا بينَهم في المُنازَعاتِ, فقال عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه: "تُرْسلُني وأنا حَديثُ السِّنِّ", أي: صغيرُ السِّنِّ, "ولا عِلْمَ لي بالقضاءِ", أي: لا خِبْرةَ لي بما يَدورُ فيه مِنْ مَكْرِ الخَصْمَينِ وغيرِ ذلك, "فقال: إنَّ اللهَ سيَهْدي قَلْبَكَ", أي: يُرْشِدُه إلى الحقِّ والصَّوابِ, "ويُثبِّتُ لسانَكَ", أي: على النُّطْقِ بالحُكْمِ الصَّحيحِ
ثمَّ عَلَّمَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يُعينُه على حُسْنِ القضاءِ، فقال: "فإذا جَلَسَ بين يدَيْك الخَصْمانِ, فلا تَقْضِيَنَّ حتى تَسْمَعَ مِن الآخَرِ", أي: لا تَحْكُمْ بقولِ الخَصْمِ الأوَّلِ حتَّى تَسْمَعَ مِنَ الثَّاني؛ "فإنَّه أَحْرى أنْ يَتْبيَّنَ لك القضاءُ", أي: يَظْهَرَ لك وَجْهُ الحُكْمِ بالحقِّ
قال عليٌّ رضِيَ اللهُ عنه: "فما زِلتُ قاضيًا، أو ما شكَكْتُ في قضاءٍ بَعْدُ", أي: إنَّه بَعْدَ دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتعليمِه له، لم يَشُكَّ في حُكْمٍ أو قضاءٍ قضاه بَعْدَ ذلك
وفي هذا الحديثِ: أنَّ الخيرَ في طاعةِ كلامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه: تَدْريبُ الشَّبابِ على حَمْلِ الأمورِ العِظامِ