آخر وقت العشاء 3
سنن النسائي
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن نافع، عن ابن عمر قال: مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشاء الآخرة، فخرج علينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده فقال حين خرج: «إنكم تنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم، ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة»، ثم أمر المؤذن فأقام ثم صلى
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَخشَى المشقَّةَ على أمَّته، مع حبِّه الخيرَ لها وإرشادِه إيَّاها لِمَا فيه النَّفعُ والثوابُ؛ فكان ربَّما يَمتنِعُ عن المواظبةِ على عِبادةٍ معيَّنةٍ بوصفٍ مُعيَّنٍ؛ خَشيةَ أنْ تُفرَضَ على الناسِ وهي ثقيلةٌ
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "مَكَثْنا ذاتَ ليلةٍ"، أي: في المسجدِ، "نَنتظِرُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لصلاةِ العِشاءِ"، أي: على غَيرِ العادةِ مِنه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في خُروجِه لتلكَ الصَّلاةِ، "فخرجَ إلَيْنا حينَ ذهبَ ثُلُثُ اللَّيلِ أو بعدَه؛ فلا نَدري أَشيءٌ شغَلَه أم غيرُ ذلكَ"، أي: إنَّه كانَ هناكَ سببٌ لهذا التأخيرِ، أم كانَ عن عَمْدٍ منهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؟ فقالَ لهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- حينَ خرجَ، أي: للصَّلاةِ- :"أتنتَظرونَ هذهِ الصَّلاةَ؟ لَوْلا أن تَثقُلَ على أُمَّتي"، أي: لولا ما في التأخِيرِ مِن المشقَّةِ على الناسِ "لصلَّيتُ بهم هذهِ الساعةَ"، أي: لأخَّرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم صلاةَ العِشاءِ إلى ثلُثِ اللَّيلِ أو بعدَه.
"ثم أمرَ المؤذِّنَ فأقامَ الصَّلاةَ"، أي: فقَضى لهم صلاتَهم، وفي هذا بيانٌ لأفضلِيَّةِ التأخيرِ لصَلاةِ العِشاءِ، وقد ورَدَ أنَّ هذهِ الأُمَّةَ تتميَّزُ به على مَن قَبلَها من الأممِ بتلكَ الصَّلاةِ
وفي الحديث: بَيانُ تخفيفِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على المسلمينَ