أي الإسلام خير
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عبد الله بن عمرو، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف»
في هذا الحديثِ يُبيِّنُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيُّ أعمالِ الإسلامِ خيرٌ مِن غيرِها، وأفضلُ مِن سِواها بعْدَ الإيمانِ وأداءِ الأركانِ، وذلك إجابةً لأحدِ السَّائلين، وقد ذكَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمْرينِ؛
الأوَّلُ: الإكثارُ مِن إطعامِ الناسِ الطَّعامَ، وأراد به قدْرًا زائدًا على الواجبِ في الزَّكاةِ، ويَدخُلُ فيه الصَّدقةُ والهَديَّةُ والضِّيافةُ والوليمةُ، وإطعامُ الفقراءِ ابتغاءَ وجهِ اللهِ تعالى؛ لأنَّ إطعامَ الطَّعامِ به قِوامُ الأبدانِ، وتَزدادُ فَضيلةُ إطعامِ الطَّعامِ وبَذْلِه في الوقتِ الَّذي تَزدادُ الحاجةُ له، وذلك في أوقات المَجاعةِ وغَلاءِ الأسعارِ
والثَّاني: إلْقاءُ السَّلامِ على كلِّ مُسلمٍ ابتغاءَ وَجْهِ الله، دونَ تَمييزٍ بيْنَ شَخصٍ وآخَرَ؛ لأنَّه تحيَّةُ الإسلامِ لعمومِ المسلِمينَ. والسَّلامُ أوَّلُ أسبابِ التَّآلُفِ، ومِفتاحُ استجلابِ الموَدَّةِ؛ ففي إفشائِه تَمكينُ أُلْفةِ المُسلمينَ بَعضِهم لبعضٍ، وإظهارُ شِعارِهم، بخِلافِ غيرِهم مِن سائرِ المِلَلِ، مع ما فيه مِن رِياضةِ النُّفوسِ، ولُزومِ التَّواضُعِ، وإعظامِ حُرماتِ المُسلمينَ.وقد جمَعَ في الحديثِ بيْنَ إطعامِ الطَّعامِ وإفشاءِ السَّلامِ؛ لأنَّ بهما يَجتمِعُ الإحسانُ بالقولِ والفعلِ، وهو أكملُ الإحسانِ، وإنَّما كان هذا خيرَ الإسلامِ بعْدَ الإتيانِ بفرائضِ الإسلامِ وَواجباتِه؛ لأنَّ إطعامَ الطَّعامِ وإفشاءَ السَّلامِ لا يَكونانِ مِن الإسلامِ إلَّا بالنِّسبةِ إلى مَن آمَن باللهِ ومَلائكتِه، وكُتبِه ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ