إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدي 11
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة، عن مسلم وهو القري، قال: سمعت ابن عباس، يقول: «أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة»، وأهل أصحابه بالحج، وأمر من لم يكن معه الهدي، أن يحل، وكان فيمن لم يكن معه الهدي طلحة بن عبيد الله، ورجل آخر فأحلا
كانتْ حَجَّةُ الوداعِ في السَّنةِ العاشرةِ من الهِجرةِ، وقد بيَّنَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيها أحكامَ الحجِّ والعُمرةِ وسُننَهما وآدابَهما
وفي هذا الحديثِ بيان بعض المناسك، حيثُ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "أهَلَّ رَسولُ اللهِ بالعُمرةِ"، أي: أهَلَّ في إحرامِه ناويًا العُمرةَ، وقيل: معناه أنَّه أدخَلَ العُمرةَ في الحَجِّ، وليس المُرادُ أنَّه أنشَأَ الإحرامَ بها؛ لأنَّ الأحاديثَ الصَّحيحةَ الكثيرةَ دلَّت على أنَّه بدَأَ إحرامَه بالحجِّ، وكان يسوقُ معه هدْيَه، وقولُه: "أهَلَّ أصحابُه بالحَجِّ"، أي: ابتدَؤوا إحرامَهم وهم يَنوون الحَجَّ كلُّهم، وقيل: المُرادُ غالبُهم، أو بالنَّظرِ لأوَّلِ أحوالِهم؛ فإنَّهم ما كانوا يرَون في أشهُرِ الحجِّ إلَّا الحجَّ، حتَّى أمَرَهم النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالتَّحلُّلِ بعمَلِ العُمرةِ لِمَن لم يسُقْ معه الهدْيَ، كما قال: "وأمَرَ مَن لم يكُنْ معه الهدْيُ أنْ يحِلَّ"، أي: يَتحلَّلَ من إحرامِه بالحَجِّ ويجعَلَه عُمرةً، ثُمَّ يَتمتَّعَ إلى الحَجِّ، والهدْيُ: ما يُساقُ من الأنعامِ؛ ليُذبَحَ في الحرمِ تقرُّبًا إلى اللهِ، "وكان فيمَن لم يكُنْ معه الهَدْيُ طلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ، ورجُلٌ آخَرُ، فأحَلَّا"، وفي حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنه عندَ البُخاريِّ، قال: "أهلَّ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو وأصحابُه بالحجِّ، وليس مع أحدٍ منهم هَدْيٌ غيرُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وطلحةُ"، فبَيَّنتْ تلك الرِّوايةُ أنَّ طلحةَ ممَّن كان معه الهدْيُ؛ ويُجمَعُ بين الرِّواياتِ بأنَّ كلَّ راوٍ ذَكَرَ ما اطَّلعَ عليه ممَّن كان معه الهدْيُ، والَّذين كانوا معهم الهدْيُ كانوا جماعةً قليلةً؛ فظَنَّ البعضُ أنَّ طَلحةَ كان ممَّن معه هَدْيٌ فذكَرَه، وذَكَرَ آخرُ أنَّه لم يَكُنْ معه؛ فأخْبَر كلٌّ بحَسَبِ عِلمِه