إذا حلف أن لا يأتدم فأكل خبزا بخل
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا المثنى بن سعيد، قال: حدثنا طلحة بن نافع، عن جابر، قال: دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم بيته فإذا فلق وخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل، فنعم الإدام الخل»
تَفضَّلَ اللهُ سُبحانَه على عِبادِه بنِعَمِه وأفْضالِه، وجَعَلَ في بَعضِ الأطعِمةِ بَرَكةً وفي بعضِها شِفاءً، وفي بعضِها كِفايةً عن غيرِها مِن الأطعمةِ الأُخرى، كما عَلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القناعةَ والرِّضا بما يُوجَدُ في بُيوتِنا مِن الطَّعامِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ «نِعْمَ الأُدْمُ -أوِ الإدامُ- الخلُّ» وهذا مَدحٌ للخَلِّ، وأنَّه مِن أفضلِ أنواعِ الإدامِ، والخلُّ هو: ما حَمُضٌ مِن عَصيرِ العِنَبِ وغيرِه، والأُدمُ والإدامُ هو كلُّ ما يُؤتدَمُ به وما يُستمرَأُ ويُستساغُ به الخبزُ، أي: الغموسُ مِن أيِّ صِنفٍ، وقيل: يُفهَمُ مِن هذا الكلامِ مَدحُ الاقتصادِ في المأْكلِ، ومنْعِ النَّفسِ عَن مَلاذِّ الأطعمةِ، كأنَّه يقولُ: ائْتَدِموا بالخلِّ وما كان في معناه مِمَّا تَخِفُّ مُؤنَتُه، ولا يَعِزُّ وُجودُه، ولا تَتَأنَّقُوا في المطْعَم؛ فإنَّ تناوُلَ الشَّهواتِ مَفسدةً لِلدِّينِ، مَسقمَةً لِلبَدَنِ
وربَّما يكونُ الثَّناءُ على الخلِّ ثَناءً عليه بحسَبِ الوقتِ، لا لِتَفضيلِه على غيرِه؛ لأنَّ سَببَه -كما في رِوايةٍ أُخرى عندَ مُسلمٍ- «أنَّ أهْلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَدَّموا له خُبزًا، فقال: ما مِن أُدمٍ؟ فقالوا: لا إلَّا شَيءٌ مِن خَلٍّ، قال: فإنَّ الخلَّ نِعمَ الأُدمُ»، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك جَبرًا لقَلبِ مَن قَدَّمَه، وتَطييبًا لِنَفسهِ، لا تَفضيلًا له على غيرِه
وفي الحديثِ: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أَعجبَه الطَّعامُ أَثنى عليه