الأحباس كيف يكتب الحبس 3
سنن النسائي
أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا بشر، عن ابن عون، قال: وأنبأنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا بشر، قال: حدثنا ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أصاب عمر، أرضا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأمره فيها، فقال: إني أصبت أرضا كثيرا لم أصب مالا قط أنفس عندي منه، فما تأمر فيها؟ قال: «إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها على أنه لا تباع ولا توهب، فتصدق بها في الفقراء والقربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح - يعني - على من وليها أن يأكل أو يطعم صديقا، غير متمول» اللفظ لإسماعيل "
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم حَريصِينَ على الإنفاقِ وبَذْلِ المالِ في وُجوهِ الخيرِ، وكانوا يَسْتشيرونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلِك
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ أباهُ عمرَ بنَ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه أصاب أرضًا بخَيبَرَ، وهي قَريةٌ تَبْعُدُ عن المدينةِ 95 ميلًا (153 كم) على طَريقِ الشَّامِ، وكان يَسكُنُها اليهودُ، ولمَّا فَتَحَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في السَّنةِ السَّابعةِ مِن الهِجرةِ قَسَمَ بَعْضَها على المسلمينَ، فنال عمَرُ نَصيبًا منها، فجاء عمَرُ رَضيَ اللهُ عنه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْتأمِرُه ويَستشِيرُه فيها، فقال: يا رسولَ الله، إنِّي أَصبْتُ أرضًا بخَيبَرَ -وكانتْ تُسمَّى ثَمْغًا- لم أُصِبْ مالًا قطُّ أجوَدَ عِندي منه -وكانَت مِن أَحبِّ مالِه إليه- فما تَأمُرُني أنْ أفعَلَ فيها؟ فاختارَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَجعَلَ أصْلَها وَقْفًا للهِ تعالَى، وأنْ يَتصدَّقَ بثَمَرتِها وما يَخرُجُ منها، فتَصدَّقَ بها عمَرُ رَضيَ اللهُ عنه، واشترَطَ أنَّه لا يُباعُ أصلُها ولا يُوهَبُ ولا يُورَثُ، وتَصدَّقَ بثَمَرتِها على الفُقراءِ، وفي قَرابتِه وذَوِي الرَّحِمِ، وفي فكِّ الرِّقابِ، وهُم المُكاتَبونَ بأنْ يُدفَعَ إليهم شَيءٌ مِن الوقفِ تُفَكُّ به رِقابُهم ويُعتَقون ويُحرَّرون مِن الرِّقِّ، وفي سَبيلِ اللهِ، وهمُ مُنقطِعُ الحاجِّ ومُنقطِعُ الغُزاةِ الذين لا مالَ لهم، فيُعطَون مِن هذا المالِ ما يُبلِّغُهم الحجَّ أو الغزْوَ حتَّى يَعودوا إلى أهْلِيهم، وابنِ السَّبيلِ، وهو المسافرُ المُجتازُ الذي يَحتاجُ نفَقةً تُوصِلُه إلى مَوطِنِه، وفي الضَّيفِ فيُكرَمُ منها، وأنَّه لا إثْمَ على مَن وَلِيَها أنْ يَأكُلَ مِن رَيعِها بالمعروفِ بحَسْبِ ما يَحتمِلُ رَيعُ الوقفِ على الوجْهِ المعتادِ، ويُطعِمَ غيرَه غيرَ مُتَمَوِّلٍ -ورُوِيَ: غيرَ مُتأثِّلٍ مالًا- أي: غيرَ جامِعٍ مالًا للثَّروةِ
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الوَقْفِ
وفيه: صِلةُ الأرحامِ والوقْفُ عليهم