باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله2
بطاقات دعوية
تعرض المسلمون بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلى امتحان عظيم تمثل في ردة كثير من العرب عن الإسلام، ومنع كثير منهم للزكاة التي كانوا يؤدونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نصر الله الإسلام، وتجاوز بالمسلمين هذه المحنة؛ بصلابة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وحكمته
وفي هذا الحديث يروي أبو هريرة رضي الله عنه أنه بعدما ارتد وكفر من كفر من العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، عزم الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه على إرسال الجيوش لمقاتلتهم وإجبارهم على دفع الزكاة، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه مستنكرا قتالهم: كيف تقبل على قتالهم وإهدار دمائهم وهم يشهدون أن لا إله إلا الله، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن من قالها فقد عصم دمه وماله إلا إن استحق ذلك، وحسابه بعد ذلك على الله؟! فقال له أبو بكر رضي الله عنه: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال»؛ وذلك لأن الزكاة مستحقة في مالهم، يجب عليهم أداؤها، وكما أن الصلاة فريضة لا يجوز إنكارها، فالزكاة فريضة أيضا لا فرق بينها وبين الصلاة، ثم قال رضي الله عنه: «والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها»، والعناق: هي الأنثى من المعز، وفي رواية: «عقالا»، والعقال: هو الحبل، وهي مبالغة منه رضي الله عنه أنه سيقاتلهم على أي شيء كانوا يؤدونه للنبي صلى الله عليه وسلم ثم امتنعوا عن أدائه، فأقسم عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند سماعه ذلك من أبي بكر رضي الله عنه أنه ما إن ذكر أبو بكر رضي الله عنه ما استدل به على قتالهم حتى انشرح صدره لما يقدم عليه، وعلم أنه الحق بما ظهر من الدليل والحجة التي أقامها، لا أنه قلده في ذلك
وقد كان هذا من توفيق الله تعالى لأبي بكر رضي الله عنه، حيث إنه أثبت قوة دولة الإسلام الجديدة، فرجع كثير ممن ارتدوا، وعادوا إلى الطاعة والعمل بكل شرائع الإسلام
وفي الحديث: فضيلة أبي بكر رضي الله تعالى عنه
وفيه: قياس أبي بكر رضي الله عنه الزكاة على الصلاة
وفيه: اجتهاد الأئمة في النوازل، وطاعة الوزراء والأمة لهم