البيعة على الهجرة
سنن النسائي
أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني جئت أبايعك على الهجرة، ولقد تركت أبوي يبكيان قال: «ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما»
طاعةُ الوالِدَينِ والإحسانُ إليهما، والعمَلُ على إرضائِهما في المعروفِ، من أجلِّ القُرباتِ التي حثَّ عليها الشَّرعُ المطهَّرُ بعد عبادة الله سُبحانَه
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عَبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رَضِي اللهُ عنهما: "جاء رجُلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، فقال: جِئتُ أبايِعُك على الهجرةِ"، أي: أعقِدُ معَك ميثاقًا على الهجرةِ في سبيلِ اللهِ، والخروجِ مِن دار الكفرِ إلى حيثُ تَأمُرُني، "وترَكتُ أبوَيَّ يَبكِيَانِ"، أي: مِن الحُزنِ على فِراقِه، أو خوفًا عليه، أو لعَدَمِ رَغبَتِهم في هجرتِه، وقيل: المرادُ: أنَّه يَكونُ تَحت تَصرُّفِه ويَغْزو معه؛ لأنَّ الظَّاهِرَ مِن هذا الحديثِ هو ما كان بعدَ انقِطاعِ فريضةِ الهِجرةِ
فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم للرَّجُلِ: "ارجِعْ علَيهِما فأضحِكْهما كما أبكَيتَهما"، أي: ارجِعْ وأضحِكْ والِدَيك وأدخِلْ عليها السُّرورَ كما أحزَنتَهما وأبكيتَهما بخُروجِك؛ قيل: وإذا كان الخارجُ إلى الجِهادِ مُتطوِّعًا فإنَّ ذلك لا يَجوزُ إلَّا بإذنِ الوالِدَينِ، فأمَّا إذا تَعيَّن عليه فَرْضُ الجهادِ فلا حاجةَ به إلى إذنِهما، وإنْ مَنَعاه مِن الخُروجِ عَصاهُما وخرَج في الجهادِ، وهذا إذا كانا مُسلِمَينِ، فإن كانا كافِرَينِ فلا سبيلَ لهما إلى منعِه مِن الجهادِ؛ فرضًا كان أو نفلًا، وطاعَتُهما حينَئذٍ مَعصيةٌ للهِ تعالى
وفي الحديثِ: الحثُّ على إكرامِ الوالِدَينِ وإدخالِ السُّرورِ عليهما، وطاعَتِهما في المعروفِ