التصاوير 5

سنن النسائي

التصاوير 5

حدثنا مسعود بن جويرية، قال: حدثنا وكيع، عن هشام، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن علي قال: صنعت طعاما، فدعوت النبي صلى الله عليه وسلم فجاء، فدخل فرأى سترا فيه تصاوير فخرج وقال: «إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير»

كانَتْ بدايةُ الشِّركِ وعِبادةِ الطواغيتِ مِن تَعظيمِ التَّماثيلِ والصُّوَرِ حتَّى تمَّ عبادتُها، ولَمَّا جاء الإسلامُ هدَمَ كلَّ آثارِ الجاهليَّةِ الباطِلَة، وسَدَّ جميعَ الأبوابِ الَّتي تُسهِّلُ عِبادةَ الطَّواغيتِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنه: "صنَعْتُ طعامًا"، أي: أعدَدْتُ طعامًا، "فدعَوْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: وجَّهْتُ دعوةً للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن يأتَي ليأكُلَ، "فجاء"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فدخَل"، أي: البيتَ، "فرأى سِتْرًا وفيه تصاويرُ"، أي: أبصَرَ ساترًا، وهو ما يُوضَعُ على الحائطِـ أو البابِ، فيه صُوَرُ تماثيلَ لطُيورٍ أو سِباعٍ، "فخرَج"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن البيتِ؛ كراهيَةً لِمَا رأى مِن هذه التَّصاويرِ، "وقال"، أي: بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم سببَ خروجِه بقولِه: "إنَّ الملائكةَ لا تدخُلُ بيتًا فيه تصاويرُ"، أي: إنَّ الملائكةَ الَّذين ينزِلونَ بالرَّحمةِ والاستغفارِ لا يَدخُلونَ البيوتَ الَّتي يكونُ فيها صُوَرٌ لِمَا فيه رُوحٌ باقيةٌ على هَيئتِها وشَكلِها، ولم تتغيَّرْ؛ حتَّى تكونَ بِساطًا يُداسُ عليه بالأقدامِ، أو تُقطَعَ رؤوسُها، وقيل: سَببُ عَدمِ دخولِ الملائكةِ: مَا في ذلك مِن مُضاهاةٍ لخَلْقِ اللهِ سُبحانَه وتعالى
وفي الحديثِ: الحَثُّ على إجابةِ الدَّعوةِ
وفيه: نهيُ الرَّجُل أهلَه عنِ المُنكَرِ؛ فهو القائمُ عليهم والمتولِّي أمْرِهم
وفيه: الاقتداءُ بالملائكةِ؛ لأنَّهم لا يَعصُونَ اللهَ عزَّ وجلَّ، وعدمُ دخولِ أماكنِ المُنكَراتِ إلَّا بعد إزالةِ ما بها مِن مُنكَرٍ، إلَّا أنْ يَدخُلَ للنهيِ عنه وإزالتِه أو تَقليلِه ما أمْكَنَ