الرخصة في النكاح للمحرم 3

سنن النسائي

الرخصة في النكاح للمحرم 3

 أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد، عن سفيان، عن أيوب بن موسى، عن نبيه بن وهب، قال: أرسل عمر بن عبيد الله بن معمر إلى أبان بن عثمان يسأله أينكح المحرم؟ فقال أبان: إن عثمان بن عفان حدث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينكح المحرم، ولا يخطب»

حجُّ بيتِ اللهِ الحَرامِ- لِمَنِ استَطاعَ إليه سبيلًا- ركنٌ مِن أركانِ الإسْلامِ، وشَعيرةٌ مِن شَعائرِه العِظامِ، وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أركانَه وكَيفيَّةَ الإحْرامِ به، وبيَّنَ ما يُسمَحُ للمُحرِمِ فِعلُه وما لا يُسمَحُ به
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا يَنكِحُ المُحْرِمُ»، أي: لا يَعْقِدُ المُحْرِمُ -بِحجٍّ، أو عُمرةٍ، أو بهما- لنفْسِه، ولا يَتزوَّجُ امْرأةً، «ولا يُنكِحُ»، أي: ولا يُزَوِّجُ غيْرَهُ بِوِلَايةٍ ولا وَكَالةٍ، وَوَجْهُ ذلِك أنَّه لَمَّا كان مَمنوعًا مِن أنْ يَتزوَّجَ بنفْسِه مُدَّةَ الإحْرامِ، كان مَعزولًا تلك المدَّةَ أنْ يَعقِدَ الزَّواجَ لغيرِه، وكذلك «لا يَخْطُبُ»؛ لِمَا في الخِطبةِ مِنَ التَّعْرِيضِ بالنِّكاحِ؛ وسرُّ ذلك النَّهْيِ أنَّ الْمُحرِمَ قد تلَبَّسَ بعِبادةٍ تَستغرِقُ جُلَّ وَقتِهِ، فلا يَشتغِلُ بغَيرِها لا تُوافِقُ حالةَ تلك العِبادةِ، وقدْ نَهَى اللهُ عَنِ الرَّفَثِ -وهو جِماعُ النِّساء ومقدِّماتُه- في الحجِّ وأعْمالِهِ، وفي النِّكاحِ حالَ الإحْرامِ ما يَدْعو النَّفْسَ إلى الرَّفَثِ، والمقصودُ في هذا السَّفرِ أنْ ينقطِعَ إلى اللهِ، ولا تتحدَّثَ نفْسُه بشيءٍ سِوى ذِكرِه، فيكونُ له جُؤارٌ إلى اللهِ، والتَّهليلُ والذِّكرُ لا غيرُ