الشركة بغير مال
سنن النسائي
أخبرنا نوح بن حبيب، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أعتق شركا له في عبد أتم ما بقي في ماله، إن كان له مال يبلغ ثمن العبد»
خلَقَ اللهُ سُبحانه وتعالَى النَّاسَ أحرارًا، وكَرِهَ أنْ يَسترِقَّ بَعضُهم بَعضًا، وقدْ جاء الإسلامُ ونِظامُ العُبوديَّةِ قائمٌ، فحَرَصتْ شَريعةُ الإسلامِ على العِتقِ، ويَسَّرتْ في أسبابِه
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ العَبدَ إنْ كان مِلْكيَّةً مُشترَكَةً، وأعتَقَ أحدُ هؤلاءِ الشُّركاءِ نَصيبَه في هذا العبدِ، قَليلًا كان أو كثيرًا، ذكَرًا كان العبْدُ أو أُنْثى؛ فإنَّه يَجِبُ عليه أنْ يُتِمَّ عِتْقَه جَميعَه، فإنْ كان هذا الرَّجلُ له مالٌ زائِد يَستطيعُ الدَّفعَ منه، زائدٌ عَن قُوتِ يَومِه وقُوتِ مَن يَلْزَمُه نَفَقَتُه، ويَكْفي لضَروريَّاتِه، كالسَّكنِ والثَّوبِ ونحْوِها، يُقدَّرُ ثمَنُ العبدِ قِيمةَ عدْلٍ، أي: بتَقييمٍ عادلٍ مِن غيرِ زِيادةٍ ولا نُقصانٍ، ويُعطِي باقيَ الشُّركاءِ نَصيبَهم المُقدَّرَ، ثُمَّ يُحرَّرُ العبدُ ويُخلَّى سَبيلُه. فإنْ لم يكُنْ له مالٌ فتكونُ حِصَّتُه فقطْ هي الَّتي حُرِّرَت، ويكونُ العبدُ قد حُرِّر بَعضُه
وفي الصَّحيحينِ مِن حَديثِ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «فإنْ لَمْ يَكُنْ له مالٌ، قُوِّمَ المَمْلُوكُ قِيمةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اسْتُسْعِيَ غيرَ مَشْقُوقٍ عليه»، يعني: يمَكَّنُ هذا المملوكُ مِنَ العَملِ حتَّى يَدفَعَ باقيَ قِيمتِه؛ لِيكونَ حُرًّا دونَ أنْ يُشدَّدَ عليه في الاكتسابِ إذا عَجَزَ