الشمائل المحمدية 356
باب: ما جاء في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا عبد الله بن داود قال : حدثنا سلمة بن نبيط، عن نعيم بن أبي هند، عن نبيط بن شريط، عن سالم بن عبيد، وكانت له صحبة قال: أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فأفاق، فقال: «حضرت الصلاة» ؟ فقالوا: نعم. فقال: «مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر أن يصلي للناس» - أو قال: بالناس - قال: ثم أغمي عليه، فأفاق، فقال: «حضرت الصلاة؟» فقالوا: نعم. فقال: «مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس» ، فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف، إذا قام ذلك المقام بكى فلا يستطيع، فلو أمرت غيره قال: ثم أغمي عليه فأفاق فقال: «مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب أو صواحبات يوسف» قال: فأمر بلال فأذن، وأمر أبو بكر فصلى بالناس، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة، فقال: «انظروا لي من أتكئ عليه» ، فجاءت بريرة ورجل آخر، فاتكأ عليهما فلما رآه أبو بكر ذهب لينكص فأومأ إليه أن يثبت مكانه، حتى قضى أبو بكر صلاته، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض، فقال عمر: والله لا أسمع أحدا يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض إلا ضربته بسيفي هذا قال: وكان الناس أميين لم يكن فيهم نبي قبله، فأمسك الناس، فقالوا: يا سالم، انطلق إلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعه، فأتيت أبا بكر وهو في المسجد فأتيته أبكي دهشا، فلما رآني قال: أقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: إن عمر يقول: لا أسمع أحدا يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض إلا ضربته بسيفي هذا، فقال لي: انطلق، فانطلقت معه، فجاء هو والناس قد دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس، أفرجوا لي، فأفرجوا له فجاء حتى أكب عليه ومسه، فقال: {إنك ميت وإنهم ميتون} [الزمر: 30] ثم قالوا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، فعلموا أن قد صدق، قالوا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيصلى على رسول الله؟ قال: نعم، قالوا: وكيف؟ قال: يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون، ثم يخرجون، ثم يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون، ثم يخرجون، حتى يدخل الناس، قالوا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قالوا: أين؟ قال: في المكان الذي قبض الله فيه روحه، فإن الله لم يقبض روحه إلا في مكان طيب. فعلموا أن قد صدق، ثم أمرهم أن يغسله بنو أبيه واجتمع المهاجرون يتشاورون، فقالوا: انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار ندخلهم معنا في هذا الأمر، فقالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فقال عمر بن الخطاب: من له مثل هذه الثلاث {ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40] من هما؟ قال: ثم بسط يده فبايعه وبايعه الناس بيعة حسنة جميلة