الصلاة مع أئمة الجور 1
سنن النسائي
أخبرنا زياد بن أيوب قال: حدثنا إسماعيل ابن علية قال: حدثنا أيوب، عن أبي العالية البراء قال: أخر زياد الصلاة فأتاني ابن صامت فألقيت له كرسيا فجلس عليه، فذكرت له صنع زياد فعض على شفتيه وضرب على فخذي وقال: إني سألت أبا ذر كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك فقال عليه الصلاة والسلام: " صل الصلاة لوقتها، فإن أدركت معهم فصل ولا تقل: إني صليت فلا أصلي "
لقدْ أمرَنا اللهُ تعالى بإقامةِ الصَّلاةِ، وعلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كَيف نُقيمُها، وأمَرَنا أن نُحافِظَ على أركانِها وسُننِها وآدابِها ووقتِها، حتَّى وإنْ أخَّرها الأُمَراءُ في آخِرِ الزَّمانِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "لعلَّكم ستُدرِكون أقوامًا يُصلُّون الصَّلاةَ لغيرِ وقْتِها"، أي: يُؤخِّرون الصَّلاةَ عن أوَّلِ وقْتِها ويُصلُّونها فيما بَعدَ ذلك، وفي رِوايةٍ عند مُسلمٍ: "إنَّه ستكونُ عليكم أُمراءُ يُؤخِّرونَ الصَّلاةَ عن مِيقاتِها"، قال ابنُ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: "فإنْ أدرَكْتُموهم فصَلُّوا الصَّلاةَ لوَقتِها"، أي: صَلُّوا الفَرْضَ في أوَّلِ الوَقتِ، "وصَلُّوا معَهم واجْعَلوها سُبْحةً"، أي: نافلةً، وهذا توجيهٌ نَبويٌّ للمُسلِمين في مِثلِ هذه الأزمانِ أن يُصلُّوا الصَّلاةَ في أوَّلِ وقتِها مع أنفُسِهم أو في بُيوتِهم، ثمَّ يُصلُّوا مع الأُمَراءِ في الوقتِ المتأخِّرِ الَّذي يُصلُّون فيه الجماعةَ أو يَأمُرون بالصَّلاةِ فيه؛ حتَّى لا تُشَقَّ عَصا المسلِمين بإظهارِ مُخالَفةِ الأمراءِ وعدَمِ الصَّلاةِ معَهم، لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَر بطاعتِهم ما أقاموا الصَّلاةَ- كما في أحاديثَ أخرى مَشهورةٍ
وفي الحديثِ: الحثُّ على الصَّلاةِ في أوَّلِ وقتِها على كلِّ حالٍ
وفيه: المُحافظةُ على وِحْدةِ الصَّفِّ وعدَمُ إظهارِ مُخالفةِ وُلاةِ الأمرِ ما أمكَن ذلك