القراءة في ركعتي الفجر
سنن النسائي
أخبرني عمران بن يزيد قال: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري قال: حدثنا عثمان بن حكيم قال: أخبرني سعيد بن يسار، أن ابن عباس أخبره، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما الآية التي في البقرة: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} [البقرة: 136] إلى آخر الآية وفي الأخرى {آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} [آل عمران: 52] "
كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يُطيلُ القِراءةَ في النَّوافلِ، وكان يُخفِّفُها أحيانًا وَفْقَ الأحوالِ والمُناسَباتِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبْدُ الله بنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانَ يَقرَأُ في رَكعَتَيْ سُنَّةِ الفَجرِ الرَّاتبَةِ في بَعضِ الأحيانِ: في الرَّكعةِ الأُولى بعْدَ الفاتِحةِ قَولَ اللهِ تعالَى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البَقرة: 136] الآيةَ الَّتي في سُورةِ البَقرةِ. ومعناها: قُولوا -أيُّها المؤمِنون- لأصحابِ هذه الدَّعوى الباطلةِ مِن يَهودٍ ونَصارى: آمَنَّا باللهِ، وبالقرآنِ الَّذي أُنزِلَ إلينا، وآمَنَّا بما أُنزِلَ على إبراهيمَ وأبنائهِ، وآمَنَّا بما أُنزِلَ على الأنبياءِ مِن ولَدِ يعقوبَ، وآمنَّا بالتَّوراةِ الَّتي آتاها اللهُ مُوسى، والإنجيلَ الَّذي آتاهُ اللهُ عِيسى، وآمنَّا بالكُتبِ الَّتي آتاها اللهُ الأنبياءَ جَميعًا، لا نُفرِّقُ بيْن أحدٍ منهم، فنُؤمِنَ ببعضٍ ونَكفُرَ ببَعضٍ، بلْ نُؤمِنُ بهم جميعًا، ونحنُ له سُبحانه وحْدَه مُنقادون خاضِعون
وَفي الرَّكعةِ الثَّانيَةِ بعْدَ الفاتِحةِ قَولَه تَعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عِمران: 52]، ومعناها: فلمَّا عَلِم عِيسى عليه السَّلامُ منهم الإصرارَ على الكفرِ، قال مُخاطِبًا بَني إسرائيلَ: مَن يَنصُرُني في الدَّعوةِ إلى اللهِ؟ قال الأصفياءُ مِن أتباعِه: نحن أنصارُ دِينِ اللهِ، آمنَّا باللهِ واتَّبعْناك، واشْهَدْ -يا عِيسى- بأنَّا مُنقادون للهِ بتَوحيدِه وطاعتِه
وبهذه المَعاني في الآيتينِ يتَّضِحُ أنَّه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كان يَقرَأُ بهما؛ لِمَا فيهما مِنَ الإيمانِ باللهِ تعالَى والِاستِسلامِ له سُبحانَه وتعالَى، ولأنَّهما آيتانِ خَفيفتانِ تُناسبانِ خِفَّةَ صَلاتِه لهاتينِ الرَّكعتينِ؛ فقدْ كان مِن سَمْتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه يُخَفِّفُهما، كما في الصَّحيحَينِ
وفي الحَديثِ: القِراءَةُ في سُنَّةِ الفَجرِ عَقِبَ الفاتِحةِ