القران 5
سنن النسائي
أخبرني معاوية بن صالح، قال: حدثني يحيى بن معين، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا يونس، عن أبي إسحق، عن البراء، قال: كنت مع علي بن أبي طالب حين أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمن، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، قال علي: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف صنعت؟» قلت: أهللت بإهلالك، قال: «فإني سقت الهدي، وقرنت» قال: وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «لو استقبلت من أمري، ما استدبرت لفعلت كما فعلتم، ولكني سقت الهدي، وقرنت»
للحَجِّ والعُمرةِ فَضْلٌ عظيمٌ؛ لذلك فقدْ فَصَّلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه مَناسِكَهما بفِعلِه وقولِه، وأمَرَهم أنْ يَأْخُذوا عنه مَناسِكَهم؛ لتتعلَّمَ الأُمَّةُ كلُّها بعدَهم
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أَنَسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ عَلِيًّا رَضيَ اللهُ عنه حِينَ قَدِمَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَكَّةَ في حَجَّةِ الوداعِ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أرْسَلَه إلى اليمَنِ، فقَدِمَ مِن اليمَنِ، وجاء معه بما قَبَضَه وجَمَعَه مِن الخُمسِ والصَّدَقاتِ، وكان قد أهَلَّ في الطَّريقِ ونَوى الدُّخولَ في النُّسكِ، فسَأَلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بِمَ أحْرَمْتَ؟ فأجابَه أنَّه أحْرَمَ بما أحرَمَ به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ممَّن ساقَ الهَدْيَ، فقَرَنَ في إحرامِه بيْن العُمرةِ والحجِّ- فرَدَّ عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَولا أنَّ مَعِي الهَدْيَ لَأحلَلتُ مِن الإحرامِ وتَمتَّعت بالعُمرةِ إلى الحجِّ؛ لأنَّ صاحِبَ الهَدْيِ لا يَتحلَّلُ حتَّى يَبلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه، وهو يومُ النَّحرِ، والهَدْيُ اسمٌ لِما يُهدى ويُذبَحُ في الحرَمِ مِن الإبلِ والبقَرِ والغنَمِ والمَعْزِ
وفي رِوايةٍ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ له: أَهْدِ وامْكُث على ما أنتَ عليه مِن الإحرامِ إلى الفراغِ من الحَجِّ
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الإحرامِ المُبهَمِ، ويَصْرِفُه إلى ما شاءَ مِن أنواعِ النُّسُكِ قبْلَ شُروعِه في أفعالِ النُّسُكِ
وفيه: مَشروعيَّةُ القِرانِ والتَّمتُّعِ في الحجِّ
وفيه: بيانُ شِدَّةِ حُبِّ الصَّحابةِ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وحِرصُهم على مُتابَعتِه