باب كتاب فضائل الصحابة
بطاقات دعوية
عن محمد ابن الحنفية قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول: عثمان؛ قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
كان التَّواضُعُ سِمةَ صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فقدْ عَلِموا أنَّ مَن تَواضَعَ للهِ رفَعَه
وهذا الحَديثُ يُظهِرُ جانبًا مِن هذا الخُلُقِ الحَميدِ مِن أحَدِ صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو عَلِيُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه؛ ففيه أنَّ مُحمَّدَ ابنَ الحَنفيَّةِ -وهو ابنُ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ مِن غيرِ فاطمةَ، والحَنفيَّةُ نِسبةً إلى جَدِّ أُمِّه، واسْمُها خَوْلةُ- سَأَلَ أباهُ عَليًّا: أيُّ النَّاسِ خَيرٌ بعْدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فأجابَه بأنَّ أبا بَكرٍ هو خَيرُ النَّاسِ بعْدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن بعْدِه عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، وقولُ مُحمَّدِ ابنِ الحَنَفيَّةِ: «وخَشيتُ أنْ يَقولَ: عُثمانُ»، أي: وخِفتُ أنْ يَقولَ: إنَّ الأفضَلَ بعْدَ أبي بَكرٍ وعُمَرَ: عُثمانُ؛ تَواضُعًا منه وهَضمًا لنفْسِه، فيَضطَرِبُ عليه الحالُ؛ لأنَّه كان يَعتقِدُ أنَّ أباهُ عَليًّا أفضَلُ، فبادَرَ مُحمَّدٌ وسَأَلَ أباهُ: «ثمَّ أنتَ؟» أيِ: الأفضَلُ بعْدَهما، فرَدَّ عليه بما يُناسِبُ تَواضُعَه رَضيَ اللهُ عنه، قائلًا: إنَّما أنا رَجلٌ منَ المُسلِمينَ، وهذا على سَبيلِ التَّواضُعِ منه، مع العِلمِ بأنَّه حينَ هذا السُّؤالِ خَيرُ النَّاسِ بلا نِزاعٍ؛ لأنَّه كان بعْدَ قَتْلِ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه، وكان ذلك بعْدَ وَقْعةِ النَّهْرَوانِ، وكانت في سَنةِ ثَمانٍ وثَلاثينَ بعْدَ الهِجْرةِ
وفي الحَديثِ: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لأبي بَكرٍ وعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما