كتاب الحروف والقراءات

كتاب  الحروف والقراءات

 حدثنا النفيلى حدثنا زهير حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية بن سعد العوفى قال قرأت على عبد الله بن عمر (الله الذى خلقكم من ضعف) فقال (من ضعف) قرأتها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما قرأتها على فأخذ على كما أخذت عليك.

كان الصحابة رضي الله عنهم -لحرصهم على الطاعات وما يقرب من رضا الله عز وجل- كثيرا ما يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال، وأكثرها قربة إلى الله تعالى، فكانت إجابات النبي صلى الله عليه وسلم تختلف باختلاف أشخاصهم وأحوالهم، وما هو أكثر نفعا لكل واحد منهم

وفي هذا الحديث يذكر أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: أي العمل أفضل؟ قال صلى الله عليه وسلم: إيمان بالله ورسوله، والإيمان بالله تعالى هو التصديق والإقرار بوجوده، وأنه تعالى موصوف بصفات الجلال والكمال منزه عن صفات النقص، وأنه واحد حق صمد فرد خالق جميع المخلوقات، يفعل في ملكه ما يريد، ويحكم في خلقه ما يشاء، وأنه المستحق وحده لكل أنواع العبادة دون ما سواه. والإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم يعني التصديق والإقرار أنه صادق فيما أخبر به عن الله تعالى، وأنه يجب اتباعه وتعظيمه وتوقيره، وأنه خاتم الأنبياء ويجب على كل من سمع به من العالمين أن يؤمن به ويتبع شريعته، ومن لم يؤمن به ويتبع شريعته؛ فليس بمؤمن بكل الأنبياء والمرسلين؛ وإنما كان الإيمان أفضل الأعمال على الإطلاق، وأعظمها عند الله أجرا وثوابا؛ لأنه شرط في صحة جميع العبادات الشرعية؛ من صلاة، وزكاة، وصوم، وغيرها. ثم سئل صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال بعد الإيمان؟ فأجاب: أن أفضلها الجهاد في سبيل الله، وهو قتال أعداء الله من المشركين والكافرين المحاربين والواقفين أمام الدعوة إلى الإسلام الذين أذن الله في قتالهم؛ لإعلاء كلمة الله والدفاع عن دينه ونشره في الآفاق، لا لأي غرض من الأغراض الأخرى، وإنما كان الجهاد أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله؛ لأنه بذل للنفس في سبيل الله، وقد يكون فيه بذل للمال مع النفس.ثم سئل صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يأتي بعد الجهاد في الأفضلية، فقال: الحج المبرور، وهو الحج الذي أديت أركانه وكان خالصا لوجه الله تعالى، وهذا هو المقبول عنده سبحانه؛ لخلوصه من الرياء والسمعة والمال الحرام.وظاهر الحديث يقتضي أن الجهاد أفضل من الحج، وهو محمول على حج النافلة، وأما حجة الإسلام فإنها أفضل من الجهاد، هذا إذا كان الجهاد فرض كفاية، أما إذا كان فرض عين فإنه مقدم على حجة الإسلام قطعا؛ لوجوب فعله على الفور