باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صاحبه غير مفسد
بطاقات دعوية
عن أبي موسى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:
"الخازنُ المسْلمُ الأَمينُ، الذي يُنْفِذُ - وربَّما قالَ يُعطي (وفي روايةٍ: يؤدي، وفي أخرى: يُنفِق) - ما أُمِرَ بهِ كاملاً موفَّراً طيِّبٌ به نفْسُه؛ فيدفَعُه إلى الذي أُمِرَ له بهِ، أحدُ الُمتصدِّقَيْنِ".
الدَّالُّ على الخَيرِ والمشارِكُ فيه يَنالُ أجرًا وثَوابًا كَبيرًا كفاعِلِه، والصَّدقةُ مِن أفضَلِ أنواع الخيرِ والطاعاتِ، ولكلِّ مَن شارَكَ في إخراجِ الصَّدَقاتِ أجرٌ كالمُتصدِّقِ نفْسِه إذا حقَّقَ الشُّروطَ المرعية في ذلك
كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ، حيثُ يَذكرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الخازِنَ المسلِمَ المسؤولَ عِندَ مَخدوميهِ عن خَزائنِهم والَّذي يَحفَظُ الطَّعامَ والمالَ وغيرَه، الأمينَ مع سيِّدِه ومع كُلِّ مَن وكَّلَه بحِفظِ مالِه، لو أُمِر بإخْراجِ الصَّدقةِ فأخرَجها كاملةً وبنَفْسٍ طيِّبةٍ إلى مَن يَستحِقُّها، كان له مِثلُ أجْرِ المتصدِّقِ كما لو كان أخرَجها بنفْسِه
وقد رتَّب الأجرَ على إعطائِه ما يُؤمَرُ به غيرَ ناقِصٍ، وبكَونِ نفْسِه بذلك طَيِّبةً غيرَ حاسدةٍ لِمَن أعطاهُ إيَّاه؛ لئلَّا يَعدِمَ النِّيةَ فيَفقِدَ الأجرَ، وهي قُيودٌ لا بدَّ منها. ويُنافي هذا أنْ يكونَ الخازِنُ متسَلِّطًا على ما سمَح به صاحبُ المالِ في الصَّدَقاتِ، فيَمنَعَ الخَيرَ عن بعضِ المسلِمينَ بأهوائِه، وإنْ أعْطَاهم فيكونُ بغيرِ طِيبِ نفْسٍ، ورُبَّما صاحَبَ ذلك نَوعٌ مِن المَنِّ والتَّوبيخِ، وهذا ممَّا لا يَنبغي فِعلُه؛ لأنَّه لا يوافِقُ المَقصدَ الشَّرعيَّ مِن الصدَقاتِ وعمَلِ الخَيرِ الَّذي وُكِّل إليهم، مع ضَياعِ أجْرِهم وثوابِهم عِندَ اللهِ تعالَى
وفي الحديثِ: دليلٌ على فَضلِ الأمانةِ، والتَّنفيذِ فيما وُكِّل فيه، وعدَمِ التَّفريطِ في ذلك
وفيه: دَليلٌ على أنَّ التَّعاوُنَ على البِرِّ والتَّقوى يُكتَبُ فيه لِمَن أعان مِثلُ ما يُكتَبُ لِمَن فعَل، وهذا فضلُ اللهِ يؤْتِيه مَن يَشاءُ.