باب أول الآيات طلوع الشمس من مغربها

بطاقات دعوية

باب أول الآيات طلوع الشمس من مغربها

 عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا لم أنسه بعد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبا. (م 8/ 202)

بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلاماتِ السَّاعةِ وما يَحدُثُ من شَدائدَ قبْلَها، وفَصَّلها وبيَّن أحوالَها، وكيْف يَنْجو النَّاسُ مِن الفتنِ الَّتي تَسبِقُ القيامةَ، ووَجَّه المسْلِمين إلى عَملِ الطَّاعاتِ استعدادًا للسَّاعةِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ أَبو زُرعَةَ أنَّه جَلسَ إلى مَرْوانَ بنِ الحَكمِ وهو بالمَدينةِ ثَلاثةُ رجالٍ مِن المُسلمينَ، فسَمِعُوه وهوَ يُحدِّثُ عنِ الآياتِ، أي: عَن عَلاماتِ الَّتي تدُلُّ على قُربِ يومِ القيامةِ، والمرادُ بها الكُبرى لا الصُّغرى، فأخبَرَهم مَروانُ أنَّ أَوَّلَها خُروجًا وظُهورًا «الدَّجَّالُ» مَأخوذٌ مِن الدَّجَلِ، وهو الكَذِبُ، والدَّجَّالُ: شخصٌ مِن بَني آدم يَدَّعي الأُلوهيَّةَ، ابتَلَى اللهُ به عِبادَه وأَقْدَره على أشياءَ مِن مَقدوراتِ اللهِ تَعالَى؛ مِن إحياءِ الميِّتِ الَّذي يَقتُلُه، ومِن ظُهورِ زَهرةِ الدُّنيا والخِصْبِ معه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْهِ، واتِّباعِ كُنوزِ الأرضِ له، وأمرِه السَّماءَ أنْ تُمطِرَ فتُمطِرَ، والأرضَ أنْ تُنبِتَ فتُنبِتَ؛ فيَقَعُ كلُّ ذلك بقُدرةِ اللهِ تَعالَى ومَشيئتِه، ثُمَّ يُعجِزُه اللهُ تَعالَى بعْدَ ذلك
فَقال عبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما حِين سَمِع حَديثَ مَرْوانَ: لم يقُلْ مَروانُ شيئًا، أي: يُعتَبَرُ ويُعتَدُّ به، وإنَّه أَخطأَ في قولِه: إنَّ خُروجَ الدَّجَّالِ أَوَّلُ الآياتِ، ثُمَّ ذَكرَ عبدُ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه حَديثَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَّ أوَّلَ الآياتِ خروجًا طُلوعُ الشَّمسِ مِن مَغربِها، وخُروجُ الدَّابَّةِ على النَّاسِ ضُحًى، فإذا حدَثَتْ إحداهما كانتِ الأُخرَى على إِثرِها قريبًا
وقدِ استُشكِلَ ذلك فإنَّ طُلوعَ الشَّمسِ مِن مَغرِبِها ليسَ أوَّلَ الآياتِ؛ لأنَّ الدُّخانَ والدَّجَّالَ قبْلَه، وأُجِيبَ بأنَّ الآياتِ إمَّا أَماراتٌ لقُربِ قيامِ السَّاعةِ، وإمَّا أَماراتٌ دالَّةٌ على وُجودِ قيامِ السَّاعةِ وَحُصولِها، ومِنَ الأوَّل الدُّخانُ وخُروجُ الدَّجَّالِ ونَحوُهُما، ومِنَ الثَّاني طُلوعُ الشَّمسِ مِن مَغربِها والدَّابَّةُ
وخُروجُ الدَّابَّة على شكلٍ غريبٍ غيرِ مَألوفٍ ومُخاطبتُها النَّاسَ ووَسمُها إيَّاهُم بالإِيمانِ والكُفرِ؛ أَمرٌ خارجٌ مِن مَجاري العَاداتِ، وَذلكَ أوَّلُ الآياتِ الأَرضيَّةِ، كَما أنَّ طُلوعَ الشَّمس مِن مَغربِها على خِلافِ عادتِها المَألوفةِ أوَّلُ الآياتِ السَّماويَّةِ
وقَولُه: «خُروجُ الدَّابَّةِ على النَّاس ضُحًى»، أي: وَقتَ ارتِفاعِ النَّهارِ، ثمَّ بَيَّن أنَّ أيًّا مِن الآيتَينِ المذْكُورتَينِ وَقَعتْ قَبلَ صاحِبَتِها، فالأُخرَى تَحصُلُ عَقِبَها حُصولًا أو وُقوعًا قَريبًا