باب إباحة أجرة الحجام 2
بطاقات دعوية
عن حميد قال سئل أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن كسب الحجام فقال احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجمه أبو طيبة فأمر له بصاعين من طعام وكلم أهله فوضعوا عنه من خراجه (3) وقال إن أفضل ما تداويتم به الحجامة أو هو من أمثل دوائكم. (م 5/ 39
الحِجامةُ وَسيلةٌ مِن الوَسائلِ الطِّبِّيةِ الَّتي تُستعمَلُ في استِخراجِ الدَّمِ الفاسدِ مِن الجِسمِ للتَّداوي.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التابِعيُّ حميدُ الطَّويلُ أنَّ أنَسَ بنَ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه سُئِلَ عَن أجْرِ الحَجَّامِ، وهو ما يأخُذُه مُقابِلَ قيامِه بالحِجامةِ. فأجاب رَضِيَ اللهُ عنه بأنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد احتجم، والذي حَجَمَهُ اسمُه أبو طَيْبةَ رَضِيَ اللهُ عنه، وَأعْطاهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أجرًا على ذلك صاعَينِ مِن طَعامٍ. والصَّاعُ بالجرامِ (2036) في أقلِّ تَقديرٍ، وفي أعْلى تَقْديرٍ يُساوي (4288) جرامًا. ولو كان كسْبُ الحجَّامِ مَنهيًّا عنه لما أعطاه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وأخبر أنسٌ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَلَّمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَواليَ أبي طيبةَ رَضِيَ اللهُ عنه، فَخَفَّفوا عَنهُ ضَريبتَه، كما في روايةِ الصَّحيحينِ، وهو خَراجُهُ الَّذي عَيَّنوهُ عليه. وموالي أبي طيبةَ رَضِيَ اللهُ عنه هم بنو حارثةَ على الصَّحيحِ، ومولاه منهم محيصةُ بنُ مَسعودٍ، وإنما جمع المواليَ مجازًا، كما يقال: بنو فلانٍ قَتَلوا رجلًا، ويكونُ الفاعِلُ منهم واحِدًا.
وَيُخبِرُ أنسٌ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكر لهم أن أفضَلَ ما يتداوى به الإنسانُ هو الحِجامةُ، وقيل: المقصودُ أفضَلُ ما تداويتُم به من هَيَجانِ الدَّمِ هو الحِجامةُ، وهذا في الغالِبِ لأهلِ البِلادِ الحارَّةِ، كأهلِ الحِجازِ وَمَن في مَعْناهُم؛ وذلك لأنَّ دِماءَهم رَقيقةٌ تَميلُ إلى ظاهِرِ أجسادِهم؛ لِجَذْبِ الحَرارةِ الخارِجةِ لَها إلى سَطْحِ البَدَنِ، وهي تُنَقِّي سَطحَ البَدَنِ أكثَرَ مِنَ الفَصْدِ، وقدْ تُغْني عَن كَثيرٍ مِن الأدويةِ.
وذكر أيضًا أنَّ أفضَلَ ما يُتداوى به القُسْطُ البَحرِيُّ، وَهوَ العودُ الهِندِيُّ، وهو عُشبٌ مِن الأعشابِ.
ويذكُرُ أنسٌ رَضِيَ اللهُ عنه أيضًا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن تعذيبِ الصِّبيانِ بِالعَصرِ بِاليَدِ مِن العُذْرةِ، وهيَ قرْحةٌ تَخرُجُ بيْن الأنفِ والحَلقِ، تُؤَدِّي إلى دَمٍ يَغلِبُ عليه البَلغَمُ. وأرشدَهم إلى استعمالِ العُودِ الهنديِّ في التداوي منها، وذكر أنه دَواءٌ لِلعُذْرةِ لا مَشَقَّةَ فيه.
وفي الحَديثِ: مشروعيَّةُ الحِجامةِ والترغيبُ في المداواةِ بها، ولا سيَّما لمن احتاج إليها.
وفيه: مشروعيَّةُ كَسبِ الحَجَّامِ.
وفيه: التداوي بالقُسطِ الهِنديِّ والترغيبُ فيه.