باب إذا تتابع فى شرب الخمر
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان عن عاصم عن أبى صالح ذكوان عن معاوية بن أبى سفيان قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إذا شربوا الخمر فاجلدوهم ثم إن شربوا فاجلدوهم ثم إن شربوا فاجلدوهم ثم إن شربوا فاقتلوهم ».
نهى الله عز وجل عن الخمر وعن كل ما يسبب الإسكار، وجعل فيها حدا من حدود الله
وفي هذا الحديث يخبر معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شربوا الخمر فاجلدوهم"، أي: إذا شرب المسلم الخمر فيقام عليه الحد بجلده، والمراد بالجلد: ضرب المحدود بسوط أو جريد أو ما شابه، "ثم إذا شربوا فاجلدوهم"، أي: ثم إنه إن شربها في المرة الثانية يقام عليه الحد بالجلد أيضا، "ثم إذا شربوا فاجلدوهم"، أي: إنه إذا عاد إلى شربها في المرة الثالثة فيقام عليه الحد بالجلد، "ثم إذا شربوا فاقتلوهم"، أي: إن عاد فشرب الخمر في المرة الرابعة وكان في كل مرة من قبل يقام عليه الحد بالجلد؛ فإن حده هذه المرة القتل
واختلف في حكم شارب الخمر في المرة الرابعة؛ هل يجلد أو يقتل حدا أو تعزيرا للمصلحة العامة، والاختلاف قائم على أن الأمر بالقتل منسوخ، ومن العلماء من نفى دعوى نسخ قتل شارب الخمر في الرابعة نفيا باتا، ولكن قالوا: إن الذي يقتضيه الدليل أن الأمر بقتله ليس حتما، ولكنه تعزير بحسب المصلحة، فإذا أكثر الناس من الخمر، ولم ينزجروا بالحد، فرأى الإمام أن يقتل فيه قتل؛ ولهذا كان عمر ينفي فيه مرة، ويحلق فيه الرأس مرة، وجلد فيه ثمانين، وقد جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر رضي الله عنه، أربعين، فالقتل في الرابعة ليس حدا، وإنما تعزير بحسب المصلحة، ومن العلماء من قال: إن القتل في هذه الحال حكم ثابت محكم، يجب الأخذ به في كل حال، وفي النهاية استقر الإجماع على ثبوت حد الخمر، وأن لا قتل فيه، واستمر الاختلاف في حد الجلد بين الأربعين أو الثمانين