باب {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} 2
بطاقات دعوية
عن ابن عباس في قوله: {ولا يعصينك في معروف}؛ قال: إنما هو شرط شرطه الله للنساء.
النِّساءُ شَقائقُ الرِّجالِ، فما وردَ الأمرُ بِتَحريمِه على العمومِ فإنَّه يَشمَلُ الرَّجُلَ والمرأةَ على حَدٍّ سواءٍ، إلَّا ما اختصَّ التَّحريمُ فيه بِالمرأةِ أوِ الرَّجلِ.
وفي هذا الحَديثِ يُفسِّرُ عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قولَه تعالى: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]، فيذكُرُ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ هذا شَرْطٌ شرَطَه اللهُ على النِّساءِ فقطْ، والمرادُ بِالمعروفِ الَّذي أُمِرَ النِّساءُ ألَّا يَعْصينَ فيه: هو النُّواحُ على الميِّتِ، وشَقُّ الجيوبِ، وخَمْشُ الوجوه، ونحوُ ذلك، وإنَّما اختصَّتِ النَّساءُ به؛ لأنَّ الغالِبَ أنَّ النَّوحَ يَحصُلُ منهنَّ. وقيل: إنَّ المرادَ بِالمعروفِ طاعةُ الله تعالى وكلُّ بِرٍّ وتَقْوى. وقيل: هو ألَّا تَخلوَ المرأةُ برَجُلٍ أجنبيٍّ؛ وعلى ذلك فَالنَّهْيُ يَشمَلُ الرِّجالَ أيضًا.
والحاصِلُ: أنَّ الطَّاعةَ في المعروفِ وعدمَ العصيانِ فيه واجبٌ على كلٍّ مِنَ المرأةِ والرَّجلِ على حدٍّ سَواءٍ، وقد بايع رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرِّجالَ في العَقَبةِ على هذا الشَّرطِ أيضًا، كما في الصَّحيحينِ من حديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال وحَوْلَه عِصابةٌ مِن أصحابِه: «ولا تَعصُوني في معروفٍ»؛ فذِكرُه في آيةِ النِّساءِ؛ لأنَّ الآيةَ وردَتْ فيهنَّ وفي بيَعتِهنَّ خُصوصًا، ولا ينفي دُخولَ الرِّجالِ في هذا الشَّرطِ.