باب إذا ضرب مملوكه أعتقه 2
بطاقات دعوية
عن زاذان أن ابن عمر - رضي الله عنهما - دعا بغلام له فرأى بظهره أثرا فقال له أوجعتك قال لا قال فأنت عتيق قال ثم أخذ شيئا من الأرض فقال ما لي فيه من الأجر ما يزن هذا إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول من ضرب غلاما له حدا لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه. (م 5/ 90)
أمَرَ الإسلامُ بالإحسانِ إلى الخدَمِ والعبيدِ، وجَعَل مِن الكفَّاراتِ لبَعضِ الذُّنوبِ عِتقَ الرَّقيقِ والعبيدِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ أبو عُمَرَ زَاذَانُ، أنَّه جاء إلى عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما وقدْ أَعتَقَ ابنُ عُمرَ مملوكًا، أي: حرَّرَ عبْدًا، وفي رِوايةٍ أُخرى لمسْلمٍ: «أنَّ ابنَ عُمرَ دَعا بغُلامٍ له، فرَأى بظَهرِه أثَرًا، فقال له: أوجَعْتُكَ؟ قال: لا، قال: فأنتَ عَتيقٌ»، فبَيَّنَت الرِّوايةُ أنَّ ابنَ عُمرَ قدْ ضَرَب هذا المملوكَ، ثمَّ أخذَ ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما مِنَ الأرضِ عُودًا أو شيئًا، فقال: «ما فيه مِنَ الأجرِ ما يَسْوَى هذا»، أي: ليس لي في إِعتاقِه شيءٌ مِن الأجرِ؛ لأنَّ عِتقَه جاء كفَّارةً لذَنْبِ ضَربِه إيَّاه، وذَكَر حَديثَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن لَطمَ»، أي: ضَرَبَ مملوكَه على خدِّه أو في سائرِ بَدنِه، فَكفَّارتُه أنْ يُعتقَه، أي: يُحرِّرَ العبْدَ المضروبَ.
وهذا مِن حِمايةِ الإسلامِ للعبيدِ مِن الضَّربِ والأذى، بلْ طالَبَ الأسيادَ بأنْ يُعامِلوهم مُعامَلةَ إخوانِهم، فيُطعِموهم ممَّا يَطْعَمون، ويُلْبِسوهم ممَّا يَلْبَسُون، ولا يُكَلِّفوهم مِن العملِ ما لا يُطِيقون، فإنْ كَلَّفوهم بما يَشُقُّ عليهم أعانوهم عليه بأنفُسِهم وبمَن يَقْدِرون عليه مِن غَيرِهم، واعتبَرَ مُجرَّدَ شَتمِهم أو سَبِّهم خُلقًا مِن أخلاقِ الجاهليَّةِ الَّتي يَنْبغي البُعدُ عنها.
وفي الحديثِ: بيانُ كفَّارةِ ضرْبِ العبدِ.
وفيه: الحثُّ على الرِّفقِ بِالمملوكِ.