باب: إذا غاب عنه الصيد ثم وجده
بطاقات دعوية
عن أبي ثعلبة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يدرك صيده بعد ثلاث فكله ما لم ينتن. (م 6/ 59
فَصَّلَ الشَّرعُ ما حُرِّمَ علينا مِن الأطعمةِ، وبَيَّنَ ذلك بأَوْضَحِ عِبارةٍ؛ حتَّى نَتجنَّبَها ونَأكُلَ منَ الطَّيِّباتِ.
وفي هذا الحديثِ يُبَيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعضًا مِن أَحكامِ الصَّيدِ، وأنَّ الصَّائدَ لَو رَمى سَهمَه -كما في رِوايةٍ أُخرى لمسْلمٍ- فأصابَ الصَّيدَ، ولكنَّ الصَّيدَ هرَبَ أو وَقَع في مَكانٍ لم يَرَه فيه، ثُمَّ إنَّه لم يَجِدْه إلَّا بَعْدَ مُدَّةِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ؛ فإنَّ له أنْ يَأكُلَه ما لم يصبه النَّتْنُ، وهو العفن، مِن طولِ المُكْثِ بَعدَ الموتِ، وهذا إنِ استَدلَّ الصَّائدُ على أنَّ الصَّيدَ الَّذي وَجَده هو الَّذي رَمى عليه سَهْمَه، كما في رِوايةِ أبي داودَ: «وسَهْمُكَ فيه»؛ لأنَّ هذا دليلٌ على أنَّ هذا الصَّيدَ قدْ ماتَ مِن أثَرِ السَّهمِ، واحترازًا عن الميْتةِ ونحوِها، والعددُ في الأيَّامِ هو للمُبالَغةِ وليْس للتَّحديدِ، وإنَّما العِبرةُ بنَتانةِ الصَّيدِ؛ فإنْ زاد على تلك الأيَّامِ ولم يُنتِنْ جازَ أكْلُه؛ ففي رِوايةِ مُسلمٍ السَّابقةِ: «إذا رَمَيْتَ بسَهمِكَ، فغابَ عنك، فأدْرَكْتَه فكُلْه ما لم يُنتِنْ»، فإنْ وَجَده بعْدَ يومٍ أو يومينِ وقدْ أنْتَنَ فلا يَأكُلُه، وذلك أنَّ اللَّحمَ قدْ فَسَد.
وكذلكَ الَّذي يُدرِكُ الصَّيْدَ الَّذي صادَه الكَلْبُ المُعَلَّمُ بَعدَ ثَلاثةِ أَيَّامٍ، فلَه كذلك أَكْلُه ما لم يُصِبْه النَّتْنُ.