باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون
حدثنا القعنبي، عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك، قال: «إن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام صنعته، فأكل منه ثم قال: قوموا فلأصلي لكم، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين ثم انصرف»
كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس هديا وجبرا لخواطر أصحابه، وكان في كل زيارة لهم يعلمنا أحكاما وآدابا، وقد نقل الصحابة الكرام هديه وسنته إلى الأمة؛ ليأخذوا منها أحكام الدين
وفي هذا الحديث يروي أنس رضي الله عنه أن جدته مليكة، وهي جدته لأمه، دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام صنعته له، فأجاب دعوتها، وأكل منه، وكان الصحابة رضي الله عنهم يدعونه إلى بيوتهم؛ ليصلي لهم، ويحصلوا على بركته، ثم بعد الانتهاء من الطعام أمرهم أن يقوموا للصلاة؛ ليعلمهم كيفية الصلاة بطريقة عملية، أو ليبارك لهم المكان بصلاته فيه ويدعو لهم، فقام أنس رضي الله عنه إلى حصير قديم، قد اسود لونه من كثرة استعماله، فرشه بقليل من الماء؛ لتنظيفه وتليينه وتهيئته للجلوس عليه، أو لإزالة الشك في نجاسته، فقام صلى الله عليه وسلم ووقفوا وراءه صفا واحدا، أنس واليتيم، وهو ضمرة أو ضميرة بن سعد الحميري، وقيل غيره، وكان صبيا مميزا، ووقفت جدته مليكة وراءهم؛ لأن النساء تقف خلف الرجال والأطفال في الصلاة، فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف بعد الصلاة. وهذا من الأدب النبوي: أن يخفف الرجل زيارته، وأن ينصرف بعد انتهاء المطلوب من الزيارة، وأن يدعو لأهل المكان
وفي الحديث: مشروعية أن يسجد المصلي على فراش أو بساط يحول بين جبهة المصلي وبين وجه الأرض