باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال
بطاقات دعوية
عن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة (وفي رواية: عن سهل بن أبي حثمة ورجال من كبراء قومه 8/ 119) أنهما حدثاه أن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود أتيا خيبر، [وهي يومئذ صلح 4/ 67] [من جهد أصابهم 8/ 119]، فتفرقا في النخل، فقتل عبد الله بن سهل، (وفي رواية: فأتى محيصة عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه)، (وفي رواية: فأخبر محيصة أن عبد الله قتل وطرح في فقير أو عين، فأتى يهود فقال: أنتم والله قتلتموه. قالوا: ما قتلناه والله، [ولا علمنا قاتلا 8/ 42]، ثم قدم المدينة)، [ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم]، فجاء عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فتكلموا في أمر صاحبهم، فبدأ عبد الرحمن [ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر]، وكان أصغر القوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"كبر الكبر (29) (وفي رواية: كبر، كبر) ". -قال يحيى: يعني ليلي الكلام الأكبر-، [فسكت]، فتكلموا في أمر صاحبهم، [فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إما أن يدوا (30) صاحبكم، وإما أن يوذنوا بحر
ب"، فكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم به، فكتب: ما قتلناه]، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -[لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن]:
["تأتون بالبينة على من قتله؟ ". قالوا: ما لنا بينة، قال:]
"أتستحقون [دم] قتيلكم -أو قال صاحبكم- بأيمان خمسين منكم؟ "، قالوا: يا رسول الله! أمر لم نره (وفي رواية: وكيف نحلف ولم نشهد، ولم نر؟ (قال: "فتبرئكم يهود في أيمان خمسين منهم"، قالوا: يا رسول الله! [كيف نأخذ أيمان] قوم كفار؟ [فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبطل دمه 8/ 42]، فوداهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبله [مائة من إبل الصدقة] [حتى أدخلت الدار]، قال سهل: فأدركت ناقة من تلك الإبل، فدخلت مربدا لهم فركضتني برجلها.
8/ 42]، ثم قدم المدينة)، [ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم]، فجاء عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فتكلموا في أمر صاحبهم، فبدأ عبد الرحمن [ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر]، وكان أصغر القوم، فقال النبي
عَلَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الآدابَ كما عَلَّمنا أحكامَ الدِّينِ، وطَبَّق ذلك في مواقِفِ الحياةِ مع أصحابِه وغيرِهم ممَّن عاصروه من غيرِ المُسلِمين.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَسَهْلُ بْنُ أبي حَثْمَةَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ عبدَ الله بنَ سَهْلٍ ومُحَيِّصَةَ بنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ذَهَبَا إلى خَيْبَرَ في حاجةٍ لهما، وخَيبَرُ: قَرْيةٌ كَبيرةٌ كان يَسكُنُها اليَهودُ، وكانت ذاتَ حُصونٍ ومَزارِعَ، على بُعدِ 173 كيلومترًا تَقْريبًا مِن المَدينةِ إلى جِهةِ الشَّامِ، فتفرَّقَا -أي: عبدُ اللهِ بنُ سَهْلٍ ومُحَيِّصَةُ- في النَّخْلِ، فقُتِل عبدُ اللهِ بنُ سَهْلٍ، فوَجَده مُحَيِّصَةُ في عَيْنِ ماءٍ مَطْروحًا قد كُسِرت عُنُقُه وهو يَتَشَحَّطُ في دَمِه، فجاء عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَهْلٍ أَخُو عبدِ اللهِ المقتولِ، وحُوَيِّصَةُ وأخُوه مُحَيِّصَةُ ابنَا مَسْعُودٍ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتَكلَّموا -أي الثَّلاثةُ- في أمرِ صاحبِهم عبدِ اللهِ المَقتولِ، فبَدَأ عبدُ الرَّحْمَنِ أخو القتيلِ بالكلامِ، وكان أصغرَ القومِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُعلِّمًا له: «كَبِّرِ الكُبْرَ»، أي: قَدِّمِ الأكبرَ سِنًّا فلْيَتكلَّمْ هو؛ إرشادًا إلى الأدَبِ في تقديمِ الأسَنِّ، وذلك لِيَتكلَّموا في تَحقيقِ صُورةِ القصَّةِ وكَيفيَّتِها، فتَكلَّموا فيما وقع لصاحِبِهم من القَتلِ في خيبرَ دونَ معرفةِ القاتِلِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أَتستحِقُّون قَتِيلَكم»، أي: تأخُذون دِيَتَه، «أو قال: صاحِبَكم» الشَّكُّ من أحدِ رُواة الحديثِ، «بِأَيْمَانِ خمسين» رجُلًا «منكم؟» يحلِفون أنَّ فلانًا قتَلَه، فيُحَدِّدونه شخصًا إن كانوا متأكِّدين من ذلك، قالوا: «يا رسولَ الله، أْمرٌ لم نَرَهُ» فكيف نَحلِفُ عليه؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «فَتُبْرِئُكُمْ»، أي: تُخَلِّصُكم «يَهُودُ» خيبرَ مِن اليَمِين «في أَيْمَانِ خَمْسين» رجلًا «منهم» فيَحلِفون أنَّهم لا يَعلَمونَ القاتِلَ، وتَبْرَأُ إليكم مِن دَعْواكم؟ قالوا: «يا رسولَ الله، قومٌ كُفَّارٌ» فكيف نَأخُذُ بأَيْمَانِهم؟ والحاصلُ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَدَأ بالمُدَّعِينَ في الأَيْمَانِ، فلمَّا نَكَلُوا رَدَّها على المُدَّعَى عليهم، فلمْ يَرْضَوْا بأَيْمَانِهم، «فوَدَاهُم»، أي: أعطاهُم رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دِيَتَه مِن عندِه، أو مِن بَيْتِ المالِ.
ويَحكِي سَهْلُ بنُ أبي حَثْمَةَ أنَّه أدْرَكَ ناقةً مِن تلك الإبلِ التي أعطاها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دِيَةً لأهلِ القَتِيل، «فدَخَلَت» النَّاقةُ «مِرْبَدًا لهم»، والمِرْبَدُ: الموضعُ الذي تَجتمِعُ فيه الإبلُ فرَكَضَتْه بِرِجْلِها، أي: رَفَسَتْه.
وفي الحَديثِ: إكرامُ الكَبيرِ، وابتداءُ الأكْبرِ بالكلامِ والسُّؤالِ.
وفيه: فضيلةُ السِّنِّ عند التساوي في الفَضائِلِ.
وفيه: مُرَاعَاةُ الإمامِ للمَصالِحِ العامَّةِ، والاهتمامُ بإصلاحِ ذاتِ البَينِ، وقطْعُ النِّزاعِ بيْن المُتنازِعين وجَبْر خَواطرِهم.
- صلى الله عليه وسلم -:
"كبر الكبر (29) (وفي رواية: كبر، كبر) ". -قال يحيى: يعني ليلي الكلام الأكبر-، [فسكت]، فتكلموا في أمر صاحبهم، [فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إما أن يدوا (30) صاحبكم، وإما أن يوذنوا بحرب"، فكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم به، فكتب: ما قتلناه]، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -[لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن]:
["تأتون بالبينة على من قتله؟ ". قالوا: ما لنا بينة، قال:]
"أتستحقون [دم] قتيلكم -أو قال صاحبكم- بأيمان خمسين منكم؟ "، قالوا: يا رسول الله! أمر لم نره (وفي رواية: وكيف نحلف ولم نشهد، ولم نر؟ (قال: "فتبرئكم يهود في أيمان خمسين منهم"، قالوا: يا رسول الله! [كيف نأخذ أيمان] قوم كفار؟ [فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبطل دمه 8/ 42]، فوداهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبله [مائة من إبل الصدقة] [حتى أدخلت الدار]، قال سهل: فأدركت ناقة من تلك الإبل، فدخلت مربدا لهم فركضتني برجلها.