باب ارتباط الخيل في سبيل الله1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو الأحوص، عن شبيب بن غرقدة
عن عروة البارقي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة"
الجهادُ في سَبيلِ اللهِ ذِروَةُ سَنامِ الإسلامِ، وفيه تُبذَلُ الأموالُ والأنفُسُ في سَبيلِ اللهِ، وأجرُه عَظيمٌ، وقد جَعَلَ اللهُ الخَيلَ رمزًا للعَتادِ والقُوَّةِ في الحُروبِ والجِهادِ، والذي إذا أعدَّه صاحِبُه لمِثلِ هذا المقامِ؛ نالَ به الخيرَ الكثيرَ في الدُّنيا والآخِرَةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "الخيرُ"، أي: الأجْرُ والمَغنَمُ، كما جاءَ مُفسَّرًا في روايةِ الصَّحيحينِ، "مَعْقودٌ"، أي: مُلازِمٌ لَها كَأَنَّه مَعْقودٌ فيها، "بنَواصي الخيلِ"، النَّواصي: هي قُصاصُ الشَّعرِ، وهو الشَّعْرُ المُستَرسِلُ عَلى الجَبْهةِ، والمرادُ: أنَّ فيها الأجْرَ والغَنيمةَ، وتَفصيلُ ذلِك أنَّ مَنِ ارتَبَطَها كان له ثوابُ ذلِك، فهو خيْرٌ آجِلٌ، وما يُصيبُ على ظَهْرِها منَ الغَنائِمِ، وفي بُطونِها منَ النِّتاجِ خيْرٌ عاجِلٌ، وخَصَّ النَّواصيَ بالذِّكرِ؛ لأنَّ العَرَبَ تقولُ: فُلانٌ مُباركُ الناصيَةِ، فيُكنَّى بها عنِ الإنسانِ، "إلى يَومِ القيامةِ"؛ لأنَّه وقتُ انتهاءِ الجهادِ والقتالِ، وهو إشارةٌ إلى أنَّ هذا الخيرَ يظَلُّ مُلازِمًا أهلَ الجِهادِ لا يَنْقَطِعُ أبَدًا، "والمُنفِقُ على الخيلِ"، بإطعامِها وتقويتِها للجِهادِ، "كالباسِطِ كفَّه بالنَّفَقةِ لا يَقبِضُها"، أي: يكونُ أجرُه مثلَ أجرِ رَجُلٍ يتصدَّقُ بيَدِه صَدَقةً مُتواصِلَةً لا تَنقطِعُ.
وفي الحديثِ: فضْلُ خِدمَةِ الرجلِ فَرَسَه المُعَدَّةَ للجِهادِ.
وفيه: أنَّ الجِهادَ لا يَنقَطِعُ أبَدًا.
وَفيه: الحَثُّ على ارتِباطِ الخَيلِ في سَبيلِ اللهِ تَعالى( ).