باب ارتباط الخيل في سبيل الله6
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو عمير عيسى بن محمد الرملي، حدثنا أحمد بن يزيد بن روح الداري، عن محمد بن عقبة القاضي، عن أبيه، عن جده عن تميم الداري، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من ارتبط فرسا في سبيل الله، ثم عالج علفه بيده، كان له بكل حبة حسنة"
الجهادُ في سَبيلِ اللهِ تعالى وإعلاءِ دِين اللهِ: ذِرْوةُ الإيمانِ، وقد أعطى اللهُ على ذلك فضْلًا عظيمًا، والجِهادُ أنواعٌ؛ فقد يكونُ باليدِ أو النَّفسِ أو المالِ، أو الدَّعمِ بأيِّ صورةٍ للمُجاهِدين.
وفي هذا الحديثِ بيانُ بعضِ أنواعِ الجِهادِ وفَضلِها، وفيه يَقولُ تَميمٌ الدَّاريُّ رَضِي اللهُ عنه: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَقولُ: "مَن ارتَبَط فرَسًا"، أي: أوقَفَها واحتبَسَها وأعَدَّها للجِهادِ "في سبيلِ اللهِ"، وفي تَقييدِه بـ(سبيلِ اللهِ) إشعارٌ بالإخلاصِ في تَوجيهِ العمَلِ للهِ وحْدَه دونَ رياءٍ، وتصديقًا بوَعْدِه الَّذي وعَد به، في قولِه تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} [الأنفال: 60]، "ثمَّ عالَج عَلْفَه بيَدِه"، أي: مارَس وقام بشُؤونِ خِدمةِ هذا الفرَسِ، ومِنها إعدادُ الطَّعامِ له، "كان له بكُلِّ حَبَّةٍ حَسَنةٌ"، أي: أعطاه اللهُ حسَناتٍ بكُلِّ حبَّاتِ ذلك العلَفِ، وعن كلِّ ما يَأكُلُه أو يَشرَبُه أو يُخرِجُه مِن بَولٍ أو رَوثٍ، حتَّى يضَعَه له في كِفَّةِ حسَناتِه يومَ القيامةِ. ورِباطُ الخيلِ في سبيلِ اللهِ نافِعٌ لإرهابِ العدوِّ، سواءٌ قاتَل عليه مَن وقَفَه أو قاتَل عليه غيرُه، أو لم يُقاتِلْ عليه أحدٌ، بل كان مُعَدًّا للقتالِ والجهادِ؛ لأنَّ ارْتِباطَه وتجهيزَه رادِعٌ في نفسِ العدوِّ.
وفي الحديثِ: الحثُّ والتَّرغيبُ في رعايةِ ما أُعِدَّ للجِهاد في سبيلِ اللهِ.