باب استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: اشترى رجل من رجل عقارا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها؛ فتحاكما إلى رجل فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية؛ قال: أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا
قسم الله أرزاق العباد وكتبها عنده في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الإنسان، ومن ثم فالمؤمن العاقل هو من يتورع عن الحرام، وعن كل ما به شبهة، ومن فعل ذلك استحق المدح وحسن الجزاء في الدنيا والآخرة
وفي هذا الحديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قصة حدثت بين رجلين في الأمم السابقة، كما في رواية ابن ماجه، أحدهما اشترى من الآخر عقارا، وهو أصول الأموال من الأرض وما يتصل بها، كالمنزل والقصر والبناء المرتفع ونحوها، والمراد به هنا الدار، فوجد في أرض هذا العقار الذي اشتراه ذهبا، فرجع إلى الذي اشترى منه ليرد عليه الذهب، معللا ذلك بأنه اشترى منه الأرض وليس ما وجده فيها، فقال الآخر «البائع»: إنما بعتك الأرض وما فيها. يتنازل كل واحد منهما للآخر عن الذهب تورعا وزهدا فيه
فتحاكما إلى رجل، فسألهما: أي: هل لكل واحد منكما أولاد؟ فقال أحدهما -وهو المشتري-: لي غلام، وقال الآخر -وهو البائع-: لي بنت، فحكم بينهما بأن يزوج أحدهما ابنه ابنة الآخر، وينفقوا عليهما من هذا الذهب، وأن يتصدقا منه
وإنما أصلح هذا الحاكم بينهما؛ لما ظهر له أن حكم المال المذكور حكم المال الضائع، فرأى أنهما أحق بذلك من غيرهما؛ لما ظهر له من ورعهما وحسن حالهما، وارتجى من طيب نسلهما وصلاح ذريتهما
وفي الحديث: بيان أن الحاكم ينصب لقطع النزاع والخصومة بين الناس