باب استحباب المبيت بذي طوى عند إرادة دخول مكة والاغتسال لدخولها، ودخولها نهارا

بطاقات دعوية

باب استحباب المبيت بذي طوى عند إرادة دخول مكة والاغتسال لدخولها، ودخولها نهارا

 حديث عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل فرضتي الجبل الذي بينه وبين الجبل الطويل نحو الكعبة فجعل المسجد، الذي بني ثم يسار المسجد بطرف الأكمة، ومصلى النبي صلى الله عليه وسلم أسفل منه على الأكمة السوداء، تدع من الأكمة عشرة أذرع أو نحوها، ثم تصلي مستقبل الفرضتين من الجبل الذي بينك وبين الكعبة

كان ابن عمر رضي الله عنه مشهورا بتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك صلاته في المواضع التي كان يصلي فيها النبي صلى الله عليه وسلم.وفي هذا الحديث يبين عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بعض الأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث هو من تمام صفة موضع صلاته صلى الله عليه وسلم بذي طوى؛ وهو واد معروف بمكة بين الثنيتين، وهو قريب من مكة عند حدودها، ويعرف الآن بالزاهر، وفيها بئر ذي طوى، وهي بئر قديمة حفرها عبد شمس بن عبد مناف، وهي بأعلى مكة عند البيضاء دار محمد بن سيف.وقد أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل فرضتي الجبل الذي بينه وبين الجبل الطويل وتوجه إلى الكعبة، وفرضة الجبل: هي مدخل الطريق إلى الجبل، أو ما انحدر من وسطه وجانبه.ثم قال نافع -وهو الراوي عن ابن عمر، وأشهر مواليه-: فجعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يحدد مكان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل المسجد الذي بني هناك بعد ذلك، يسار المسجد الثاني الذي بطرف الأكمة، ومكان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أسفل منه على الأكمة السوداء، تدع من الأكمة -وهي موضع مرتفع- عشرة أذرع أو نحوها، ثم تصلي مستقبل الفرضتين من الجبل الذي بينك وبين الكعبة. قيل: الظاهر أنه كان هناك مسجدان مبنيان بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف منهما اليوم شيء. وكان هذا الأمر ممكنا فيما مضى؛ لأنها كانت خالية، أما الآن فاتصل البناء والعمران، فلا يمكن. وهذا يحمل عن ابن عمر لما عرف عنه من مبالغته في الاتباع، وقد ورد عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يخالف هذا الأمر؛ فإنه لما رأى الناس في سفر من مكة إلى المدينة يتبادرون إلى مكان، سأل عن ذلك، فقالوا: هذا مكان قد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: «هكذا هلك أهل الكتاب؛ اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا، من عرضت له منكم فيه الصلاة فليصل، ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة، فلا يصل»، رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما.وإنما أراد عمر رضي الله عنه بالنهي عن تتبع آثار الأنبياء سد الذريعة إلى الشرك، وهو أعلم بهذا الشأن من ابنه رضي الله عنهما، أما الأماكن التي نص على فضل الصلاة فيها، كالحرمين والأقصى وقباء ونحوها، وكذلك قصد المساجد عامة بالصلاة، حتى التي ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها؛ فلا تدخل تحت هذا النهي.وقد روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما تسعة أحاديث تحدد الأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره في الطريق بين المدينة ومكة، منها هذا الحديث

وقيل: إن هذه المساجد لا يعرف اليوم منها غير مسجد ذي الحليفة، والمساجد التي بالروحاء