باب استقبال الحاج القادمين، والثلاثة على الدابة
بطاقات دعوية
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة (8)، استقبله (9) أغيلمة (10) بني عبد المطلب، فحمل واحدا بين يديه، وآخر خلفه. (ومن طريق أيوب قال: ذكر الأشر الثلاثة (11) عند عكرمة، فقال: قال ابن عباس: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد حمل قثم بين يديه، والفضل خلفه، أو قثم خلفه، والفضل بين يديه، فأيهم شر؟! أو أيهم خير؟ 7/ 67 - 68)
الدَّوابُّ المُستأنَسةُ من نِعَمِ اللهِ على الإنسانِ؛ فقد سَخَّرها له ولمنفَعَتِه، ومنها ما يُركَبُ عليها، أو يُحمَلُ، أو يؤكَلُ لحمُه، وغير ذلك، وقد أُمِرْنا بالرِّفقِ بهذه الكائناتِ.
ولهذا الحديثِ قِصَّةٌ؛ فقد ذُكِرَ عِندَ عِكرمةَ مَولى ابنِ عبَّاسٍ أنَّ رُكوبَ الثَّلاثةِ على الدَّابَّةِ ظُلمٌ وشَرٌّ، وأنَّ المقَدَّمَ أشَرُّ أو المؤخَّرُ، فأنكَرَ عِكرمةُ ذلك، مُستدلًّا بفِعلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ذلك، وأنَّهُ لا يَجوزُ نِسبةُ الظُّلمِ إلى أحَدٍ منهم؛ فروى عن ابن عَبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما أنَّه قال: جاء رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَكَّةَ في يومِ الفتحِ سنةَ ثمان من الهجرة، وقد حَمَلَ قُثَمَ بنَ العَبَّاسِ بين يَدَيهِ، وأخاهُ الفَضلَ خَلْفَهُ -أو حَمَل قُثَمَ خَلْفَهُ، والفَضلَ بيْن يَدَيهِ، شَكٌّ من أحدِ رُواةِ الحديثِ- على ناقَتِهِ، فكانوا ثلاثةً على دابَّةٍ واحدةٍ، ثُمَّ قال عِكرمةُ يَرُدُّ على مَنْ ذَكَرَ له شَرَّ الثَّلاثةِ: فأيُّهم شَرٌّ أو أيُّهم خَيرٌ؟! أي: إذا ركِبَ ثلاثةٌ على دابَّةٍ، فأيُّهم أشَرُّ؟! وحاصِلُ جوابِه أنَّه لا تحديدَ فيه، إنما ذلك بقَدرِ طاقةِ الدَّابَّةِ؛ فإذا كانت قويَّةً تحمِلُ الثلاثةَ بدونِ تَعَبٍ، فلا بأسَ به.
وفي الحديثِ: الإردافُ على الدَّابَّةِ ولو كانوا ثَلاثةَ نَفَرٍ.
وفيه: حُسْنُ مُعامَلةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِهِ.
وفيهِ: رَدُّ الظُّلمِ عن الغَيرِ.