باب الأذان للجمعة 1

سنن النسائي

باب الأذان للجمعة 1

 أخبرنا محمد بن سلمة، قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني السائب بن يزيد، «أن الأذان كان أول حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر»، فلما كان في خلافة عثمان، وكثر الناس أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، فأذن به على الزوراء، فثبت الأمر على ذلك

شُرِعَ الأذانُ لإعلامِ النَّاسِ بدُخولِ وقْتِ الصَّلاةِ؛ وعليه فإنَّ الإمامَ أو الأميرَ يَتَّخِذُ مِن الوسائلِ المُساهِمةِ والمُساعِدةِ لإعلامِ الناسِ بدُخولِ وقْتِ الصَّلاةِ أو قُربِه؛ حتَّى يَتجهَّزوا ويُسرِعوا إلى الجماعةِ ولا تَفوتَهم

وفي هذا الحديثِ يَحكي السَّائِبُ بنُ يَزيدَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ الشُّروعَ في الأذانِ لوقتِ الجُمُعةِ في زمَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان عندَ صُعودِ الإمامِ على المِنبَرِ، ثمَّ تَبِعَه على ذلك أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ وعُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنهما في خِلافَتِهما وعَهدِهما. فلمَّا كانت خِلافةُ عُثْمانَ بنِ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه، وكَثُرَ النَّاسُ، زادَ النِّداءَ الثَّالثَ على الزَّوْراءِ، أي: زادَ النُّداء الَّذي يُقامُ اليَومَ على المَنابِرِ، وسمَّاهُ الثَّالثَّ؛ لأنَّه عَدَّ الإقامةَ نِداءً، وكان يُقامُ على «الزَّوْرَاءِ» وهو مَوضِعٌ بِسُوقِ المدينةِ مُرتفعٌ كالمَنارِ، وقيل: هي دارٌ في سُوقِ المدينةِ، كان يَقِفُ المؤَذِّنونَ على سَطحِها، ولعلَّ هذه الدَّارَ سُمِّيَتْ زَوْراءَ؛ لمَيلِها عن عمارةِ البلَدِ.وهذا ممَّا يُحتمَلُ فيه الاجتهادُ؛ فإذا ما دَعَتِ الحاجةُ لمِثلِ هذا في أيِّ وقْتٍ فَعَلَه الناسُ دُونَ حرَجٍ، ويُرجَعُ إلى فِعلِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا لم تكُنْ حاجةٌ إلى فِعلِه؛ كما عندَ أبي داودَ: «عليكُم بسُنَّتي، وسُنَّةِ الخُلفاءِ المَهْديِّينَ الرَّاشِدينَ»