باب الإخلاص وإحضار النية في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة والخفية 4
بطاقات دعوية
وعن أبي عبدِ اللهِ جابر بن عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضي اللهُ عنهما، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غَزَاةٍ، فَقالَ: «إِنَّ بالمدِينَةِ لَرِجَالًا ما سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا، إلَاّ كَانُوا مَعَكمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ». وَفي روَايَة: «إلَاّ شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ». رواهُ مسلمٌ. (1)
ورواهُ البخاريُّ عن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إنَّ أقْوامًا خَلْفَنَا بالْمَدِينَةِ مَا سَلَكْنَا شِعْبًا (2) وَلَا وَاديًا، إلاّ وَهُمْ مَعَنَا؛ حَبَسَهُمُ العُذْرُ».
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحفظ لأصحابه فضل بعضهم على بعض، ويظهر فيهم مناقبهم، ويعذر مريضهم، ويعين ضعيفهم
وفي هذا الحديث يخبر جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، وهي غزوة تبوك، كما وقع عند البخاري، وقد كانت غزوة شديدة قطع فيها الصحابة مسافات شاسعة في الحر الشديد نصرة لدين الله، فقال صلى الله عليه وسلم لهم: «إن بالمدينة لرجالا» ما شاركوا في الغزو، ولا خرجوا للجهاد، ولكن «ما سرتم مسيرا» أي: ولا مشيتم مسافة أو طريقا، «ولا قطعتم واديا» وهو الأرض المنخفضة تقع بين الجبال؛ «إلا كانوا معكم» أي: شاركوكم في الأجر والثواب، كما في الرواية الأخرى: «شركوكم في الأجر»؛ وذلك أن عدم خروجهم كان لأجل ما بهم من مرض منعهم من استطاعة السفر، فضلا عن أن يشاركوهم في الحرب والقتال، وفي حكمهم الفقراء والضعفاء الذين لم يقدروا على الغزو لضعفهم، أو لعدم وجود زاد لهم أو دابة يركبونها، فكان لهم الأجر مثلكم؛ لنيتهم الصالحة، وهذا تمييز لهم عن المنافقين الذين يتخلفون عن غزوات النبي صلى الله عليه وسلم بأعذار غير حقيقية خوفا من الجهاد والقتال، واستثقالا لمشقة وعناء السفر
وفي الحديث: فضل النية في الخير، وأن الإنسان إذا نوى العمل الصالح ولكنه لم يستطع القيام به لعذر؛ فإنه يكتب له أجر ما نوى