باب الاستنجاء بالماء 1

سنن ابن ماجه

باب الاستنجاء بالماء 1

حدثنا هناد بن السري، حدثنا أبو الأحوص، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود
عن عائشة، قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من غائط قط إلا مس ماء (2).

لقد حثَّ الشَّرعُ على الطَّهارةِ والتَّنظُّفِ، وعلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمورَها كلَّها، حتَّى علَّمَنا كيفيَّةَ الاستنجاءِ مِن الغائطِ والبولِ، والتَّطهُّرِ بالماءِ، ولا عجَبَ في ذلك؛ فقد كان أكثَرُ النَّاسِ قبلَ الإسلامِ لا يعرِفونَ الطَّهارةَ بالماءِ.
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "ما رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ مِن غائطٍ قطُّ"، الغائطُ: هو المُنْخفِضُ مِن الأرضِ، واسْتُخْدِمَ في التَّعبيرِ عن قضاءِ الحاجَةِ مِن إفراغِ ما في البطْنِ مِن فضلاتٍ؛ بُرازٍ أو بَولٍ، والغائطُ هنا محمولٌ على الخارجِ مِن الدُّبُرِ، "إلَّا مَسَّ ماءً"، أي: استَنْجَى به، أو توضَّأَ بعدَ الانتهاءِ مِن قضاءِ حاجَتِه، والثَّاني بعيدٌ، والأوَّلُ قد جاء مُصرَّحًا به عن عائشةَ، أنَّها قالت للنِّساءِ: "مُرْنَ أزواجَكُنَّ أنْ يتطَيَّبوا بالماءِ؛ فإنِّي أستَحْيِي منهم؛ فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يفعَلُه" والاستنجاءُ بالماءِ أفضَلُ إنْ توافَرَ وكثُرَ، مع جوازِ الاكتفاءِ بالأحجارِ للاستطابةِ والتَّخلُّصِ مِن فضلاتِ الغائطِ.
وممَّا يدلُّ على فَضْلِ الاستنجاءِ بالماءِ: ما جاءَ في سُننِ ابنِ ماجهْ عن أنسِ بنِ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّه نزَلَت في الاستِنجاءِ هذه الآيةُ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يا معشَرَ الأنصارِ، إنَّ اللهَ قد أثْنَى عليكم في الطُّهورِ، فما طُهورُكم؟ قالوا: نتوضَّأُ للصَّلاةِ، ونغتسِلُ مِن الجَنابةِ، ونستَنْجِي بالماءِ، قال: فهو ذاك، فعَلَيْكُمُوه"، فأثْنَى اللهُ عليهم وذكَرَهم بحُبِّ التَّطهُّرِ، وأنَّه يحِبُّهم لذلك، باكتمالِ أنواعِ الطَّهارةِ عندهم.