باب الانتفاع بالعلم والعمل به 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يونس بن محمد، وسريج بن النعمان، قالا: حدثنا فليح بن سليمان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أبي طوالة، عن سعيد بن يسار
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله، لا يعلمه (2) إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" يعني: ريحها (3).
الأصْلُ في جَميعِ العِباداتِ أنْ تكونَ جميعُها خالِصَةً للهِ تَعالى، فهذا شَرطٌ في جَميعِ الأعمالِ الصَّالحةِ؛ فمَنِ ابتَغى بالعَمَلِ وَجْهَ النَّاسِ كان شَرًّا ووَبالًا عليه في الآخِرَةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن تعلَّمَ عِلمًا"، أي: من العِلمِ النَّافِعِ الذي يَنتفِعُ به الخَلْقُ سَواءٌ كانتْ عُلومًا شَرعيَّةً أو غيرَ ذلك؛ ممَّا فيه مَنفَعةٌ للخَلْقِ "يُبتغى –يعني: به- وَجهُ اللهِ"، أي: هذا العِلمُ الذي تعلَّمَه كان من المُفتَرَضِ أنْ يَطلُبَه للهِ، "لا يتعلَّمُه إلَّا لِيُصيبَ به عَرَضًا من الدُّنيا"، أي: أنَّه تعلَّمَ العِلمَ لِيُصيبَ به مَتاعَ الدُّنيا وعَرَضَها وزينتَها، أو سُمعةً أو رِياءً أو ظُهورًا أو لمَنصِبٍ أو مَنزِلَةٍ أو مالٍ، فإنْ كان حالُه ذلك، "لم يَجِدْ عَرفَ الجَنَّةِ يَومَ القِيامَةِ -يعني: رِيحَها-" وقيل: العَرْفُ: الطِّيبُ من كُلِّ شَيءٍ، وهو كِنايةٌ عن عَدَمِ دُخولِه الجَنَّةَ، والمُرادُ: أنَّه لن يَنفَعَه عِلمُه يَومَ القِيامَةِ بل يُحبِطُه اللهُ، وفي حديثِ ابنِ عُمَرَ عندَ التِّرمذِيِّ: "مَن تعلَّمَ عِلمًا لغَيرِ اللهِ، أو أرادَ به غَيرَ اللهِ، فلْيَتبوَّأْ مَقعَدَه من النَّارِ".
وفي الحديثِ: الحثُّ على طَلَبِ العِلمِ لوَجْهِ اللهِ.
وفيه: أنَّ مَدارَ الجَزاءِ على الأعمالِ يكونُ على النِّيَّةِ( ).