باب التجافي في الركوع
سنن النسائي
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، عن ابن علية، عن عطاء بن السائب، عن سالم البراد، قال: قال أبو مسعود: ألا أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟ قلنا: بلى فقام فكبر، فلما ركع جافى بين إبطيه، حتى لما استقر كل شيء منه رفع رأسه فصلى أربع ركعات هكذا، وقال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي»
الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، وركنُ الإسلامِ الرَّكينُ، وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كيفيَّتَها، وآدابَها وكلَّ ما يتَعلَّقُ بها
وفي هذا الحَديثِ نَقلٌ ووصْفٌ لبَعضِ صِفةِ صلاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وفيه أنَّ عُقبةَ بنَ عمرٍو رضِيَ اللهُ عنه قال لأصحابِه، أو لتَلامذتِه الذين أَتَوْه ليُحدِّثَهم عن صلاةِ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: "ألَا أُصلِّي لكم كما رأيتُ رسولَ اللهِ يُصلِّي؟"، أي: هل تَرغَبون في أن أُصلِّيَ لكم صلاةً كما رأيتُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُصلِّيها؟ وهذا الاستفهامُ للتَّشويقِ والتَّرغيبِ، "فقلنا: بلى"، أي: إنَّهم وافَقوا على أن يُصلِّيَ لهم أو طَلبُوا منه ذلك، "فقام، فلمَّا ركَع وضَع راحتَيْه على رُكبتَيه وجعَل أصابِعَه مِن وراءِ رُكبتَيه"، أي: إنَّ موضِعَ الأصابعِ كان مُمتدَّةً تحتَ الرُّكبتَينِ على أعلى السَّاقِ، بينَما الكَفَّانِ فوقَ الرُّكبةِ، "وجافى إِبْطَيه"، أي: باعَد ذِراعَيهِ عن جانبَيهِ، والإبْطُ ما تحتَ الذِّراعَين عندَ الْتِقاءِ الذِّراعِ بالكتفِ، "حتَّى استقرَّ كلُّ شيءٍ منه"، أي: وضَع يدَيه على رُكبتَيه وباعَد بين إِبْطَيه ثمَّ اطمَأنَّ في الرُّكوعِ حتَّى ثبَتَت جَميعُ أعضاءِ الجسدِ في مَكانِها، ولم يتَعجَّلْ، "ثم رفَع رأسَه، فقام حتَّى استوَى كلُّ شيءٍ منه"، أي: استقرَّ كلُّ عُضوٍ في مَكانِه، "ثمَّ سجَد، فجافَى إِبْطَيه حتَّى استقرَّ كلُّ شيءٍ منه، ثمَّ قعَد" أي: جِلسةَ ما بين السَّجدتَينِ، "حتَّى استَقرَّ كلُّ شَيءٍ منه، ثمَّ سجَد حتَّى استَقرَّ كلُّ شيءٍ منه، ثمَّ صنَع كذلك أربعَ ركَعاتٍ"، أي: أتمَّ باقي الصَّلاةِ بمِثلِ إتْمامِ وإتقانِ كُلِّ رُكنٍ كان في الرَّكعةِ الأُولى، ثمَّ قال: هكذا رأيتُ رسولَ اللهِ يصلِّي، وهكذا كان يُصلِّي بنا"، أي: قال: هذه هي صِفةُ الصَّلاةِ الَّتي رأيتُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُصلِّيها
وفي الحديثِ: حِرصُ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنهم على نقْلِ صِفَةِ الصَّلاةِ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم
وفيه: بيانُ مَوضِعِ وضْعِ اليدَينِ والأصابعِ عندَ الرُّكوعِ، وأنَّها تكونُ بوَضعِ الكفِّ فوقَ الرُّكبةِ مع امتِدادِ الأصابعِ أسفَلَ مِنها