باب الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار
بطاقات دعوية
حديث سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون؛ وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون
لا يعلم الغيب إلا الله، وقد يطلع الله بعض عباده على بعض الغيب، ومنها التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم ووقعت كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فكانت دليلا وعلما على نبوته صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الحديث يروي الصحابي سفيان بن أبي زهير الأزدي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن مدن ستفتح، وقد وقع ما أخبر به عليه الصلاة والسلام، وعلى الترتيب المذكور في الحديث
فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه ستفتح اليمن، فيعجب قوما بلادها وعيش أهلها، فيحملهم ذلك على المهاجرة إليها بأنفسهم وأهليهم، حتى يخرجوا من المدينة والحال أن الإقامة في المدينة خير لهم؛ لأنها حرم الرسول صلى الله عليه وسلم، وجواره، ومهبط الوحي، ومنزل البركات، لو كانوا يعلمون ما في الإقامة بها من الفوائد والعوائد في الدين، التي يستحقر دونها ما يجدونه من الحظوظ الدنيوية الفانية العاجلة بسبب الإقامة في غيرها، أو المعنى: لو كان عندهم شيء من العلم، أي: ليتهم كانوا من أهل العلم؛ تغليظا وتشديدا
ومعنى «يبسون»، أي: يسوقون دوابهم، والبس: سوق الإبل، تقول: بس بس، عند السوق وإرادة السرعة
ثم أخبر عن فتح الشام -وتضم حاليا الأردن، وفلسطين، وسورية، ولبنان- وفتح العراق أيضا، وأن الناس يزحفون إليهما طلبا للرخاء، على نحو ما ذكر في اليمن، لكن المدينة خير لهم
وهذا فيمن خرج راغبا عن المدينة، أما من خرج لحاجة -كجهاد أو تجارة- فليس داخلا في معنى الحديث
وجاء قوله: «قوما» نكرة، ووصف بـ«يبسون» ثم أكد بقوله: «لو كانوا يعلمون»؛ لتحقيرهم وتوهين أمرهم، والوصف بـ«يبسون» -وهو سوق الدواب- يشعر بركاكة عقولهم، وأنهم ممن ركن إلى الحظوظ البهيمية وحطام الدنيا الفانية العاجلة، وأعرضوا عن الإقامة في جوار الرسول عليه الصلاة والسلام، ولذلك كرر «قوما» ووصف في كل قرينة بـ«يبسون»؛ استحقارا لتلك الهيئة القبيحة
وفي الحديث: فضل المدينة النبوية والسكنى فيها
وفيه: دليل على أن بعض البقاع أفضل من بعض